اخلاصهم له ، وانهم لا يريدون به سوء ، كما سارعوا الى دفع ارزاقهم المتأخرة. وبذا اصبحت الظروف مهيئة لان يفرض الخليفة سلطته على الاتراك وقوادهم ، الا ان موقفه المتسم بالحيرة والتردد. وتظاهر بالتودد للقواد مع انه يبطن الشر لهم ، وعدم مبادرته الى اي عطف او استجابة لطلبات الجند ، افقده ثقة الطرفين.
نهاية المهتدى بالله :
عند ما استشعر المهتدى بالله شرا من جموع الاتراك ، خرج فعسكر بجسر سامرا في جمع من الجند الموالين له من الفراغنة والمغاربة وبعض الأتراك فأصطدم الطرفان ووقع بينهما كثير من القتلى. وانضم الجنود الاتراك الذين اعلنوا ولاءهم للخليفة الى جماعتهم ، وانهزم بقية جنده ومؤيدوه ، وتركوا الخليفة يواجه مصيره مع عدد قليل من اتباعه. فجرح واضطر الى الهرب. فخرج الى باب العامة وهو يستغيث طالبا النجدة ، فلم يجبه احد من عامة الناس. فصار الى باب السجن فاطلق من فيه وهو يظن انهم يعينونه ، فلم يكن منهم الا الهرب ، فصار الى دار صاحب الشرطة. الا ان الاتراك دخلوا خلفه واخرجوه الى الجوسق وحبسوه عند القائد احمد بن خاقان.
ثم اجتمع القواد الأتراك وقرروا خلعه من الخلافة ، ومالبثوا ان قتلوه بحجة عدم موافقته على التنازل عن الخلافة. وقد اوضحنا ذلك مفصلا عند الكلام عن خلعه ومقتله.