لقد اتصل يحيى بن اكثم بالخليفة المأمون لما كان في مرو ، وخرج معه في بعض غزواته الى بلاد الروم. وبعثه المأمون في سنة (٢١٦ ه) في حملة الى بلاد الروم فغزا وعاد ظافرا (١). وقد اعجب المأمون بسعة علم يحيى بالفقه والحديث ، وغزارة ادبه ، وسرعة جوابه ، وقوة حجته ، فقربه اليه ونادمه ، فغلب عليه يحيى بحيث لم يتقدمه عنده احد من الناس (٢). وكان اذا صحب المأمون في سفر ركب معه بمنطقه وقباء وسيق بمعاليق ، واذا كان الموسم شتاء ركب في اقبية الخز وقلانس السمور والسروج المكشوفة (٣). واستصحبه المأمون الى مصر في سنة (٢١٧ ه) وكانت مصر بلا قاض ، فأمره الخليفة ان يجلس في المجلس للقضاء ، فجلس وقضى بين الناس لمدة قصيرة (٤). ويقول ابن خلكان انه حكم ثلاثة ايام(٥).
وقلده المأمون منصب قاضي القضاة واوكل اليه تدبير اهل مملكته ، فكان وزراء الخليفة لا يعملون شيئا الا بعد مطالعة يحيى ابن اكثم (٦). الا انه لم يلبث ان سخط عليه عند ما كان في مصر ، ويبدو ان للحسد والوشايات دورا في ذلك. يقول اليعقوبي ان يحيى كان قد وشى بالمعتصم الى المأمون وقال له : بلغني انه يحاول الخلع. وكان المأمون قد وجه ابا اسحاق الى مصر عند ما استفحلت الثورة فيها في سنة (٢١٤ ه) فبعث اليه يأمره بالقدوم. ولما
__________________
(٦١) الاعلام ٤ / ٢٥٦.
(٦٢) وفيات الاعيان ٥ / ١٩٨.
(٦٣) مروج الذهب ٤ / ٢٢.
(٦٤) كتاب الولاة وكتاب القضاة / ٤٤١ ـ ٤٤٢ و ٥٨٦.
(٦٥) وفيات الاعيان ٥ / ٢١١.
(٦٦) تاريخ بغداد ١٤ / ١٩٧ ـ ١٩٨ ، ووفيات الاعيان ٥ / ١٩٨ ، والعبر ١ / ٤٣٩.