وقد اتهم يحيى بن اكثم ببعض الهنات التي اشيعت عنه وهو منها برىء. ومما يؤيد انها نسبت اليه بهتانا انه ذكر للامام احمد ابن حنبل عنه وما يرميه بعض الناس به ، فعجب من ذلك وانكره انكارا شديدا (١). وكتب الخليفة المتوكل على الله الى الامام احمد يسأل عن رجلين احدهما يحيى بن اكثم ، فكتب اليه : اما فلان فلا ولا كرامة ، واما يحيى بن اكثم فقد ولي القضاء فما طعن عليه احد (٢). ولما قدم احمد بن المعذل وهو من فقهاء المالكية على المتوكل على الله ، ذكر يحيى بن اكثم في مجلس الخليفة ، فقال بعض الحاضرين : ذاك صاحب غلمان ، فستر ابن المعذل وجهه ، وقال : سبحانك هذا بهتان عظيم (٣). ويقول ابن وكيع القاضي كان يحيى كثير المزاح لا يدع الهزل في مجلسه ، وله طرائف في الهزل (٤). وروى عن احد العلماء قوله : كان يحيى بن اكثم لا يدع العبث والنظر ، فاما ما وراء ذلك فلا ، واللحمد لله (٥). ومما يؤيد ما ذكره ابن وكيع ان احد البلغاء سئل عن يحيى بن اكثم واحمد بن ابي دواد ، أيهما انبل؟ فقال : كان احمد يجد مع جاريته وابنته ، ويحيى يهزل مع خصمه وعدوه (٦). ولعل ميل يحيى الى الهزل وأنسه بالناس وممازحتهم سببت له تلك السمعة المشينة. ولا ينكر ان من يكون في منزلته العلمية والاجتماعية لا يخلو ممن يحسده ويروج ما يسىء الى سمعته وينتقص من منزلته.
__________________
(٥٥) وفيات الاعيان ٥ / ٢٠١.
(٥٦) اخبار القضاة ٢ / ١٦١.
(٥٧) اخبار القضاة ٢ / ١٦٥.
(٥٨) اخبار القضاة ٢ / ١٦٦.
(٥٩) نفس المصدر ٢ / ١٦٤.
(٦٠) تاريخ بغداد ١٤ / ١٩٨ ، ووفيات الاعيان ٥ / ١٩٨.