الناس فاضلا فمثل احمد (١). وقد حاز ثقته فركن اليه. وعند ما اوصى الى اخيه ابي اسحاق جاء في وصيته «وابو عبد الله احمد ابن ابي دواد لا يفارقك واشركه في المشورة في كل امرك» (٢).
ولما استخلف المعتصم بالله جعل ابن ابي دواد قاضي القضاة ومستشاره الخاص ، ولم يكن يخرج عن رأيه. قال الحسين بن الضحاك الشاعر لبعض المتكلمين : ان ابن ابي دواد عندنا لا يحسن اللغة وعندكم لا يحسن الكلام وعند الفقهاء لا يحسن الفقه ، ولكن عند المعتصم بالله يعرف هذا كله (٣). ومع ما في هذا القول من التجني والمبالغة بانكار معرفة ابن ابي دواد شيئا مما ذكره ابن الضحاك ، فان تقدير المعتصم بالله له امر طبيعي اذا ما قورن علمه ومعرفته بالفقه وعلم الكلام بجهل المعتصم الله الذي كان اميا رغم فصاحته (٤). والواقع ان وجوده الى جانب الخليفة عدل من مزاجه وحد من قسوته. لأن المعتصم بالله كان متسرعا عجولا ، فاذا اسرع اليه الغضب هدأه ابن ابي دواد واراه وجه التوءدة والأناة ، فلا يسعه الا ان يسير في سبيلهما. فصار لأحمد من الدالة عليه وسمو المركز لديه ، ما يستعين به على الخير والصلاح. فكانت له معه مواقف جليلة حاسمة معتمدا فيها على ثقته به وتأييده اياه في كل ما يقول ويفعل.
ومن هذه المواقف انقاذه ابي دلف القاسم بن عيسى العجلي عند ما حاول القائد التركي الأفشين اغتياله (٥). اذ ذهب ابن ابي
__________________
(١٦) وفيات الاعيان ١ / ٦٤.
(١٧) الطبري ٨ / ٦٤٩.
(١٨) وفيات الاعيان ١ / ٦٦ والفرج بعد الشدة ٢ / ٦٦ ـ ٧٥.
(١٩) العقد الفريد ٢ / ٤٤٠ ، وتاريخ الخلفاء / ٣٣٤.
(٢٠) وفيات الاعيان ١ / ٦٤ ـ ٦٥.