دواد الى دار الافشين واستنقد ابا دلف باسم الخليفة الذي اقره على فعله ، وعنف الأفشين فيما كان عزم عليه. ويظهر ان الأفشين كان يمهد للوثوب بان يتخلص من القواد العرب الموالين للخلافة العباسية ، ولا ريب ان هذا ما دفع ابن ابي دواد الى انقاذ ابي دلف واقرار المعتصم بالله مبادرته.
وعند ما غضب الخليفة على محمد بن الجهم وامر بضرب عنقه ، انقذه ابن ابي دواد بما ارضى المعتصم بالله ساعة غضبه ، بحيث امر بحبس ابن الجهم حتى يحقق معه (١). ولما قرر المعتصم بالله معاقبة القائد خالد بن يزيد الشيباني لجأ هذا الى ابن ابي دواد ليشفع له عند الخليفة ، فكلمه فلم يجبه. ولما جلس الخليفة لمعاقبة خالد حضر ابن ابي دواد المجلس وجلس دون مكانه المعتاد ، ووقف من الخليفة موقفا جعله يرضى عن خالد ويخلع عليه ويكرمه. فلما خرج خالد وعليه الخلع ، وكان بعض اتباعه في الخارج يتوقعون الأيقاع به ، صاح احدهم : الحمد لله خلاصك يا سيد العرب. فقال خالد : اسكت ، سيد العرب والله ابن ابي دواد (٢).
وفي ثنايا مصادر التاريخ العربي بعض الأخبار مما يستدل منها على شدة احترام المعتصم بالله قاضي قضاته ابن ابي دواد. فقد جاء في تاريخ بغداد ان احمد بن ابي دواد قال : عند ما كنا بعمورية قال لي المعتصم بالله ما تقول يا ابا عبد الله في البسر؟ فقلت : يا امير المؤمنين نحن ببلاد الروم والبسر بالعراق. قال
__________________
(٢١) نفس المصدر.
(٢٢) وفيات الاعيان ١ / ٧٠ ـ ٧١ ، والفرج بعد الشدة ٢ / ٦٠ ـ ٦٢.