٣ ـ استئثار الموفق بالسلطة :
كانت خلافة المعتمد على الله عجيبة الوضع ، كما يقول ابن الطقطقي ، فقد كان هو واخوه طلحة الملقب بالموفق كالشريكين في الخلافة ، للمعتمد على الله الخطية والسكة والتسمية بامرة المؤمنين ، ولأخية طلحة الأمر والنهي وقود الجيش ومحاربة الاعداء ومرابطة الثغور وترتيب الوزارة والامراء (١). ويقول المسعودي ان اخاه ابا احمد الموفق قد غلب على امره وتدبير ملكه وسياسة سلطانه ، وصيره كالمحجور عليه ، لا امر له ولا نهي ، وان الموفق قام بذلك احسن قيام رغم ما كان يلقى من اعتراض الاتراك وشغبهم وسوء طاعتهم (٢). وكذلك يقول ابن الأثير ان المعتمد على الله كان في خلافته محكوما عليه ، قد تحكم فيه اخوه ابو احمد الموفق وضيق عليه (٣).
ومما يلفت النظر ان ابا جعفر الطبري واحمد بن واضح اليعقوبي ، وهما من قدامى المؤرخين وقد عاصرا احداث عهد سامرا ، لم يشيرا الى تسلط الموفق على شؤون الخلافة في عهد اخيه المعتمد على الله ، ولم يذكرا شيئا عن ذلك. ويعتبر المسعودي اقدم من اشار الى تلك العلاقة بين الخليفة واخيه ، من المؤرخين.
ان من يدقق سيرة المعتمد على الله واعماله طيلة مدة خلافته التي قاربت ربع قرن يستنتج انه كان احد اثنين : اما انه كان يزهد
__________________
(١٦) الفخري / ٢٢٦ ـ ٢٢٧.
(١٧) التنبيه والاشراف / ٣١٨ ـ ٣١٩ ومروج الذهب ٤ / ٢١١.
(١٨) الكامل ٧ / ٤٥٥.