نفسه بثوب ديباج لاقرب المغنين له ، وحاول ان يعوضه بما يهديه اليه الآخرون عند مرضه. وقد يكون اراد بهذا ان يظهر اكرامه له بعيادته عند مرضه وان يجعل الآخرين يكرمونه ايضا ، وهذا ما يتفق مع اخلاق المنتصر بالله وصفاته.
الا انه يقابل هذا ان المسعودي نفسه يروي خبرين يدلان على كرم المنتصر بالله فقد روي عن علي بن يحيى المنجم ، وكان نديما لعدد من الخلفاء ، انه احب ان يشتري ضيعة مجاورة لضيعته ولم يزل يبذل جهده لدى مالكها حتى اجابه الى بيعها. الا انه لم يكن يملك قيمتها حينذاك ، مما اقلقه من ان تفوته فرصة تحقيق امنيته. وعند ما حضر مجلس المنتصر بالله لاحظ الخليفة ما ظهر على نديمه من قلق وانشغال بال. فلما علم منه السبب استفسر عن قيمة الضيعة وما مقدار ما يعوزه لشرائها. فلما عاد ابن المنجم الى بيته رأى ان الخليفة كان قد ارسل المبلغ الذي يعينه على شراء الضيعة ، ويقول انه لما بكر الى المنتصر بالله في اليوم التالي لم يذكر عن الأمر شيئا (١).
وروى ايضا ان المنتصر بالله لما كان اميرا ، بعث احد رجاله واسمه سعيد بن محمد الصغير الى مصر في بعض اموره. فعشق سعيد جارية التقى بها هناك الا انه عجز عن شرائها. فلما علم المنتصر بالله بشدة ولعه بها كتب الى عامل مصر في ابتياعها وحملها الى سامرا ، دون ان يعلم سعيد بشىء من ذلك. فلما وصلت الجارية اهداها اليه (٢). يستدل من هذين الخبرين ان المنتصر بالله لم يكن بخيلا شديد المنع ، بل انه كان مدبرا غير
__________________
(١٦) مروج الذهب ٤ / ١٣٧ ـ ١٣٨.
(١٧) نفس المصدر / ١٤١ ـ ١٤٢.