٤ ـ مصادرة الكتاب :
ومما له علاقة بشؤون الرعية المبادرة الاصلاحية التي قام بها الخليفة الواثق بالله بمحاسبة كبار الكتاب في الدولة وتابعيهم على ما احرزوه من اموال لا تتناسب مقاديرها ومصادر ايرادهم المشروعة ، فقد لاحظ ان اكثر المتنفذين من الموظفين كانوا يستغلون مراكزهم في حيازة الأموال وجمع الثروات بطرق غير مشروعة كالسرقة والرشوة. فحاول ان يحد من تعسفهم الناس ويمنعهم من استغلال وظائفهم. وليس من الواضح ما اذا كان الغرض من مصادرة الكتاب وحبسهم اصلاح الجهاز الاداري والمالي ، منع الرشوة ، وايقاف استغلال النفوذ ، ام مجرد احتواء الخليفة على اموال الآخرين ممن اتهموا بالاستغلال. ومهما كان الأمر فان مبادرة الخليفة الى محاسبة كبار موظفيه والضرب على ايدي المفسدين منهم بهذه الشدة لا بد وانها كان لها أثر في اصلاح جهاز الدولة المالي والاداري ، وتخفيف وطأة موظفيه على الرعية. على انه يجب ان لا يغرب عن البال ان تكون هذه المصادرة بنفس الوقت عاملا يحفز الموظفين المصادرة اموالهم على تعويضها عند ما تسنح لهم الفرصة بنفس اساليبهم السابقة ، بل وباساليب قد قد تكون اشد منها تعسفا وجورا.
وكان السبب المباشر لغضب الواثق بالله على الكتاب انه سأل ندماءه ذات ليلة عن سبب نكبة البرامكة. فقال احدهم ان الخليفة هارون الرشيد اشترى جارية بمائة الف دينار. فاستكثر وزيره يحيى بن خالد هذا المبلغ واخبر الرشيد انه لا يقدر على هذا المال ، فغضب وقال لا بد منه. فارسل يحيى المبلغ بالدراهم ليستكثره الرشيد. وبالفعل امر الرشيد برد الجارية ، الا انه