وقال عن الوزير محمد بن عبد الملك الزيات انه وسع الداني شره ووصل الى البعيد ضره ، له في كل يوم صريع لا يرى فيه أثر ناب ولا مخلب. لقد كان ابن الزيات سياسيا ماهرا واداريا قديرا ، الا انه كان حقودا قاسيا لا يرحم ، اذا رأى أثر نعمة على احد سعى لازالتها ونكبة صاحبها وهذا ما يؤكده الخبر.
اما عن عمر الرخجي فقال انه ضخم نهم ، استعذب الدم ، ينصبه القوم ترسا للوغى. وكان الرخجي هذا من كبار الكتاب ، كتب للمأمون. وتولى في عهد الواثق بالله ديوان النفقات ، وكان نهما سيء السيرة ، مما اضطر الخليفة ان يعين رقيبا على اعماله. وقال عنه القاضي ابن ابي دواد : ما صحب السلطان أرجل ولا اخبث من عمر بن فرج الرخجي(١).
ووصف الفضل بن مروان بأنه رجل نبش بعد ما قبر ، ليس تعد له حياة في الأحياء ، وعليه خفقة الموتى. وهو يصفه بعد خروجه من السجن ذليلا ، اذ كان المعتصم بالله قد اقصاه عن الوزارة واستصفى امواله وامر بسجنه.
وهكذا يستمر في وصف ابي الوزير احمد بن خالد ، والأخوين سليمان والحسن ابني وهب ، وابراهيم بن رباح ، واحمد بن الخصيب ، وهم من كبار الكتاب ورؤساء الدواوين. ومهما كان الأمر فان هذا الخبر تضمن امرين مهمين ، اولهما انه يعرفنا برجال الدولة البارزين في عهد الواثق بالله ، وثانيهما انه يصف كلا منهما بما يراه الناس فيه من صفات حسنة او سيئة ، والواقع انه ، كما يقول المسعودي ، قد احسن في وصفهم.
__________________
(٣٥) الفرج بعد الشدة ٤ / ١٧.