القواد وكانوا هموا به (١). وكذلك يقول مسكويه ان الناس شغبوا على المعتصم وطلبوا العباس ونادوا باسم الخلافة ، فارسل ابو اسحاق الى العباس فاحضره. فبايعه وخرج الى الجند وقال لهم قد بايعت عمي وسلمت الخلافة اليه فسكنوا (٢). اما ابن الأثير فيقول ولما بويع له شغب الجند ونادوا باسم العباس ، فارسل اليه المعتصم فاحضره فبايعه ، ثم خرج الى الجند فقال لهم ما هذا الحب البارد ، قد بايعت عمي فسكنوا (٣). وينفرد ابو حنيفة الدينوري بالقول ان المأمون كان قد بايع لابنه العباس بولاية العهد من بعده ، ولما مات المأمون جمع اخوه ابو اسحاق محمد بن هارون اليه وجوه القواد والجند ودعاهم الى بيعته فبايعوه ، فسار من طرسوس حتى وافى مدينة السلام ، وخلع العباس بن المأمون وغلبه عليها (٤). وهو قول يدحضه ما اتفق عليه من سبقه من المؤرخين الذين اشرنا اليهم. يستنتج مما جاء في هذه الروايات التي تتفق في فحواها ان العباس بن المأمون كان يطمح الى تولي الخلافة بعد ابيه ، وله من يؤيده من القواد والجند وان هؤلاء كانوا مطمئنين الى انه سيتولاها بعد موت ابيه. ولما قيل ان المأمون قد عهد لأخيه ابي اسحاق فقد اشفقوا من قيام النزاع بين العم وابن اخيه ، وهذا ما حدث فعلا. ويبدو ان القواد والجند قد انقسموا الى فئتين ، احداهما تناصر ابا اسحاق وتحتج بأن المأمون قد عهد اليه بالخلافة في وصيته ، وتناصر الاخرى العباس. اما لأنها كانت تراه اصلح للخلافة بالنسبة لمصالحها ، او انها كانت تدعى ان المأمون قد عهد اليه بها من بعده ، كما ذكر الدينوري ، ولهذا اخذت تطعن بما جاء في
__________________
(٩) العيون والحدائق ٣ / ٣٨٠.
(١٠) تجارب الامم ٦ / ٤٧٠.
(١١) الكامل ٦ / ٤٣٩.
(١٢) الاخبار الطوال / ٣٣٧ ـ ٣٣٨.