الله قتل فبطل العمل في النهر واخربت الجعفرية ونقضت ولم يتم امر النهر (١). ويقول اليعقوبي ان النهر لم يتم امره ولم يجر فيه الماء الا جريا ضعيفا لم يكن له اتصال ولا استقامة رغم انه انفق عليه قرابة الف الف دينار ، وهو يعزو صعوبة حفره الى صلابة الأرض وطبيعتها المتكونة من الحصا والانهار مما لا تعمل فيه المعاول الا بصعوبة بالغة (٢). اما ابن الأثير فيقول ان المتوكل على الله حفر للمدينة نهرا ، وقتل فبطل حفر النهر واخربت المدينة (٣). ويلاحظ من هذه الروايات ان الطبري وابن الأثير يتفقان في ان النهر لم يتم حفره لموت المتوكل على الله ، بينما يفهم من رواية اليعقوبي ان حفر النهر لم يتم كما يجب ، اي ان حفره كان فاشلا بسبب صلابة الأرض ولذا فقد كان جريان الماء فيه ضعيفا متقطعا.
ويظهر من رواية اوردها احمد بن يوسف الكاتب عن مشروع هذا النهر ان ما ذهب اليه اليعقوبي اقرب الى الصواب. وخلاصة ما يقوله : ان المتوكل على الله طلب الى محمد واحمد ابني موسى بن شاكر ، وهما من المتقدمين في علم الرياضة والهيئة وحركات النجوم والحيل ، ان يتوليا حفر النهر الجعفري. فكلفا احمد بن كثير الفرغاني ، وهو مهندس كان قد عمل المقياس الجديد لنهر النيل بمصر في سنة ٢٤٧ ه «فغلط في فوهة النهر وجعلها اخفض من سائره ، فصار ما يغمر الفوهة لا يغمر سائره» فلما علم المتوكل كلف المهندس سند بن علي بأن يتحرى امر النهر المذكور ويبين له ما اذا كان هناك خطأ ارتكب فيه لكي يعاقب الاخوين ابني موسى بن شاكر.
__________________
(٣٢) الطبري ٩ / ٢١٢.
(٣٣) كتاب البلدان / ٢٦٧.
(٣٤) الكامل ٧ / ٨٧.