وخدامهم ورعياهم (١) ، وهي تعد نحو ستين نفرا. فحين تدخل بيته تظن أنك في عرس أو احتفال ، مع أن جميع الحاضرين يشكلون عائلة واحدة.
ثم سألنا الشيخ عن سبب حضورنا إلى هذه الديار ، وإذا كنا نرغب في الإقامة عنده أو نود الذهاب إلى مكان آخر؟ فكان جوابنا : يا سيدي ، نحن جماعة تجار ، كنا سابقا في قبرص ، وأما الآن فبسبب الحروب المتواصلة بين الإفرنج ، انقطع (٢) البحر ولم يبق لنا باب للتجارة وأصبحنا نخشى الفقر. فرأينا من المستحسن أن نذهب إلى حلب للبيع والشراء ، ولكننا وجدنا أيضا في هذه المدينة عددا من كبار التجار الأغنياء نحن لا نصلح لسمسرتهم. فتم رأينا عندئذ على جلب بضاعة حضّارين (٣) تصلح للبر والعرب ، ونسترزق من باب الله. فقال : هذا رأي صالح مناسب يا اخواني ، ولكن ما هي بضاعتكم؟ فعرفناه بجميع ما معنا فقال : بضاعتكم هذه أكثرها يروج عند العرب ، ولكنكم لستم من الذين يستطيعون الوصول إليهم والإقامة عندهم ، إلى أن يتم لكم بيع بضاعتكم ، فهذا أمر صعب جدا ١ / ١٠ ويحصل لكم منه ضرر وأذية ، ولا سمح الله قد يكون ذلك سببا لنهاية حياتكم ، ويتأتى عنه تعب شديد لأن معاشرة العرب صعبة جدا بسبب طمعهم المشهور ، فإن لم تعطوهم طلبهم عن طيبة خاطر (٤) أخذوه غصبا (٥) ، وإن أكثرتم عليهم الكلام قد يقتلونكم. فأنتم جماعة أرقاء القلوب ، سمحاء كرام (٦) ، وجهكم حيي ، لستم أهلا لهذه الأمور الصعبة. والرأي عندي ، إن سمعتم كلامي ، أن تعرضوا غدا بضاعتكم وتبيعوا منها ما يسهله الله ، وتحملوا الباقي وترجعوا به إلى حمص حيث تعملون على تصفيته ، ثم تعودون إلى بلدكم فتكسبون أرواحكم ومالكم. ودار الحديث بين الحضور وصار كل من بالمحضر (٧) يعطي نصيحته. فاصفر وجه الخواجه لاسكاريس من هذا الكلام ، والتفت نحوي ، وقال باللغة الإيطالية : ما ذا تقول بهذا الخبر الذي قطع قلبي يا ولدي؟ فقلت له : إن كل هذا الحديث لا يسوى عندي تينة يابسة ، واعلم يا سيدي أن من يذهب إلى الحرب عليه أن يقطع الأمل
__________________
(١) كذا والمعنى غير واضح ، ولعله يريد الرعيان.
(٢) «ارتبط».
(٣) الحضّار : التاجر المتجول الذي معه بضائع تصلح للفلاحين وأهل البادية.
(٤) «بالطيب».
(٥) «بالزور».
(٦) «شلابية».
(٧) المجلس.