وثاني يوم رحنا
وتقدمنا إلى ناحية القبلة ، بالقرب إلى حوران ، وإذ نفذ علينا الجوخدار مصطفى آغا
بذاته وبصحبته بولردي إلى الدريعي ومكتوب من المعلم حاييم إلى الشيخ إبراهيم.
فأخذت البولردي وقرأته إلى الدريعي وكان مضمون ذلك :
افتخار أمراء
الكرام ، وعمدة المشايخ العظام ، رئيس العشائر ورأس القبائل ، ولدنا الدريعي ابن
شعلان زاد مجده ، بعد السؤال عن خاطركم والمبدي إليكم ، وصل كتاب من جناب محبنا
الشيخ إبراهيم إلى محسوبنا المعلم حاييم ، وبه معرفة عن حسن حالكم وجيد أطواركم ،
وأن جميع ما تقرر لدينا سابقا فهو كلام وشاة ومغرضين ، فبناء على ذلك أصدرنا لكم
مرسومنا هذا ، فالمراد أن تكونوا مطمئنين البال والخاطر ، ودبروا ايلتنا بحسن
معرفتكم المشهورة ، وتكونوا من طرفنا متقدمين ومفتخرين على كامل القبائل والعشائر.
وكذلك نرغب أن تبدوا غاية الإكرام والتوقير إلى جناب محبنا الشيخ إبراهيم وترجمانه
، فبذلك تصيّروننا راضين عنكم واعتمدوا على ذلك والسلام.
ومكتوب المعلم
حاييم [يعرب عن] محبة تامة ، ويعرفنا أن مهما لزم من الأمور المتعلقة ٢ / ٤٦
بالوزير نعرفه عنها فيقضيها لنا حالا بكل سهولة وطبق إرادتنا . /
فتعجب الدريعي وكل
الحاضرين من ذلك وازداد إكرامنا عندهم وتوقيرهم لنا. ثم كتبنا جواب البولردي بإملاء
يليق بحضرة الوزير ، وأرسلنا أيضا جوابا إلى المعلم حاييم واستكثرنا بخيره ،
وأعطينا الجوخدار خمس مئة غرش إكراما وتوجه لدمشق راضيا حامدا شاكرا لنا وللدريعي
أيضا.
وبعد ذلك رأيت
أنني أستطيع أن أكلّم المذكور بما أمرني به الشيخ إبراهيم ، إذ حصل الوقت المناسب.
فقلت له : اعلم يا أبو سحن (وهذا تكبير عند العرب إذا سميّت الإنسان «أبو فلان»
باسم ابنه ، وعند الحضر [هذا الأمر] أيضا مقبول) ، إن الله عزوجل أرسلنا لأجل سيادتك وتقديمك على أبناء عصرك ، فإن سمعت ما نقوله لك لا يكون
أكبر منك بين العربان. فقال : مهما تقولون فهو على الرأس والعين. ففرحت بذلك وقلت
: تمت إرادة معلمي. وأعلمت المذكور بذلك فسرّ ، وقيدنا جميع ذلك بالدفتر وبتنا تلك
الليلة مسرورين جدا.
__________________