صاحب الرحلة من التنزه في الدرعية ، فوصفها ووصف أسواقها ونساءها ، وأتى أيضا على وصف العاهل الوهابي ومجلسه وأحواله ، ويعد كلامه من أقدم ما قيل عن عاصمة الوهابيين. وقد ذكرت مجلة العرب (١) تفاصيل رحلة الصايغ إلى الدرعية ، بناء على الترجمة التي قام بها المستشرق فرينل ، من الفرنسية إلى العربية ، وهي مشبعة بالأخطاء ، كما بيناه في مقال نشرته أيضا مجلة العرب (٢) ، وأوضحناه أيضا في الملحق المثبت في نهاية هذا الكتاب.
وقبل أن يغادر الوفد الدرعية وصل العلم إلى ابن سعود أن قوات محمد على خرجت من ينبع وتوجهت إلى المدينة المنورة لاحتلالها ، فلم يأبه لهذا الخبر.
أما لاسكاريس ، فقد سرّ جدا بنتائج رحلة الصايغ إلى الدرعية ، إذ أصبح طريق الهند ممهدا أمام جيوش نابوليون ، ورأى أن التوفيق كان حليفه ، وأن بوسعه أن يعود إلى فرنسا لاطلاع الإمبراطور على نجاح مهمته. فذهب مع فتح الله من حلب إلى اسلامبول (أي استنبول) ، وهناك علم بانكسار القوات الفرنسية في روسيا. ثم تتابعت الأخبار المشؤومة وهوى عرش نابوليون ، فسافر لاسكاريس إلى أزمير لمقابلة الجنرالين سافاري ولالمان ، وبناء على شورهما طلب الحماية البريطانية ليأمن على حياته من شر العثمانيين ، وذهب بمفرده إلى القاهرة حيث وافاه أجله. فوضع القنصل البريطاني سالط يده على مخلفات العامل الفرنسي ، بما فيها مذكراته وأوراقه.
وعلم الصايغ بوفاة أبيه الروحي أثناء إقامته مع والدته باللاذقية. ثم أتته رسالة من دروفيتي ، قنصل فرنسا في الاسكندرية ، يطلب حضوره ، فلبّى الطلب. وحاول عبثا أن يحصل على أوراق معلمه ، فلم ينل من القنصل البريطاني إلا الإهانة والطرد.
مذكرات الصايغ
وهكذا انتهت رحلة الصايغ التي طالت ، على زعمه ، سبع سنوات. وقد
__________________
(٣) مجلة العرب ، ج ٣ ، ٤ ، س ١٩ ، ١٤٠٤ / ١٩٨٤ ، ص ١٥٢ ـ ١٦٨.
(٤) مجلة العرب ، ج ٩ ، ١٠ ، س ١٩ ، ١٤٠٥ / ٨٥ ـ ١٩٨٤ ، ص ٦٩٧ ـ ٧٠٦.