فرأيتكم أحقّ مني بهذه فكل منه فأمسك يده فقال لأصحابه : كلوا (١) كلوا ولم يأكله فقلت في نفسي : هذه خلة مما وصف صاحبي ، ثم رجعت فتحول رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إلى المدينة فجمعت شيئا كان عندي ثم جئته فقلت : إني قد رأيتك لا تأكل الصدقة ، وهذه هدية وكرامة ليست بصدقة ، فأكل رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وهو يتتبع خياره (٢) ، وعلى شملتان (٣) لي وهو في أصحابه ، فاستدرت أنظر إلى الخاتم في ظهره ، فلما رآني أستدبرته (٤) عرف أني قد استثبت شيئا قد وصف لي فرفع رداءه عن ظهره فنظرت إلى الخاتم بين كتفيه كما وصف لي صاحبي ، فأكببت عليه أقبله وأبكي فقال : تحول يا سلمان هكذا ، فتحولت فجلست بين يديه (٥) ، وأحب أن يسمع أصحابه حديثي عنه فحدثته يا ابن عباس كما حدثتك فلما فرغت (٦) ، قلت : يا رسول الله قد كاتبت صاحبي على ثلاثمائة نخلة (٧) أحييها له وأربعين أوقية فأعانني أصحاب رسول
__________________
(١) هكذا في الأصل وفي ن ـ أ ـ ه : كلوا مرة واحدة.
(٢) هكذا في النسختين (يتتبع خياره) وجاء عند ابن سعد ، فأكل وأكل أصحابه ، قال : قلت في نفسي : هذه أخرى ، قال : ثم رجعت فمكثت ما شاء الله ثم أتيته ، فوجدته في بقيع الغرقد وقد تبع جنازة وحوله أصحابه وعليه شملتان. مؤتزرا بواحدة مرتديا بالأخرى. انظر «الطبقات» ٤ / ٧٩ وكذا ورد عند أحمد في مسنده ٥ / ٤٤٣ وهكذا ذكره ابن الجوزي في «صفة الصفوة» ١ / ٥٣١ : أن عليه شملتان أي على النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لا على سلمان وورد في سيرة «ابن هشام» ١ / ٢٠٢ ، «وتاريخ بغداد» ١ / ١٦٩ كما هو هنا : أي على شملتان لي وهو في أصحابه ، وليس بينهما تعارض لأنه يمكن أن يكون على كل منهما شملتان أو يرجح ما ورد عند أحمد لأنه أصح ما ورد ـ والله أعلم.
(٣) الشملة : بفتح الشين المعجمة : كساء دون القطيفة يشتمل به كالمشملة. انظر «القاموس» ٣ / ٤١٤.
(٤) في أ ـ ه : «فاستدرت وورد أيضا أستدير به».
(٥) عند ابن سعد : بعد هذه الجملة فحدثته حديثي كما حدثتك يا ابن عباس ، فأعجبه ذلك ، فأحب أن يسمعه أصحابه ، ثم أسلمت وشغلني الرّق ، وما كنت فيه حتى فاتني بدر وأحد ، ثم قال لي رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : كاتب ، فسألت صاحبي ذلك فلم أزل حتى كاتبني. انظر «الطبقات» لابن سعد ٤ / ٧٩.
(٦) في «صحيح البخاري» ٥ / ٣١٥ مع الفتح أنّ النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال لسلمان : كاتب ـ فأخبره بأنه قد كاتبت».
(٧) في الأصل نخل والتصحيح من «سيرة ابن هشام» ١ / ٢٠٢.