بعمورية (١) من أرض الروم ، فإنه ستجده على ما كنا عليه فلما واريته خرجت ، حتى قدمت على صاحب عمورية فوجدته على مثل حالهم ، فأقمت عنده واكتسبت حتى كانت لي غنيمة وبقرا ثم حضرته الوفاة فقلت : يا فلان إن فلانا كان أوصاني إلى فلان فإلى من توصيني قال : يا بني والله ما أعلمه بقي أحد على مثل ما كنا عليه آمرك أن تأتيه ، ولكنه قد أظلك زمان نبي يبعث من الحرم ، مهاجرته بين حرتين (٢) ، إلى أرض سبخة (٣) ، ذات نخل وإن فيه علامات لا تخفى ، بين كتفيه خاتم النبوة ، يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة ، فلو استطعت أن تخلص إلى تلك البلاد فافعل ، فإنه قد أظلك زمانه فلما واريناه أقمت حتى مرّ بي رجال من تجار العرب من كلب (٤) ، فقلت لهم تحملوني معكم حتى تقدموا بي أرض العرب وأعطيكم غنمي هذه وبقراتي هذه ، فأعطيتهم إياها وحملوني ، حتى إذا جاوزوا بي وادي القرى (٥) ظلموني فباعوني من رجل يهودي بوادي القرى ، فو الله لقد رأيت النخل وطمعت أن يكون البلد الذي نعت لي صاحبي ، وما حقت مني (٦) حتى قدم رجل (٧) من بني قريظة من يهود وادي القرى فابتاعني من صاحبي الذي كنت عنده ، فخرج بي حتى قدم المدينة ، فوالله ما هو إلا أن رأيتها فعرفت نعتها ، فأقمت في رقي مع صاحبي ، فبعث الله رسوله بمكة لا يذكر لي من أمره شيء مع ما أنا فيه من الرق ، (حتى) (٨) قدم رسول الله
__________________
(١) بفتح أوله ، وتشديد ثانيه ، بلد من بلاد الروم ، وهي التي فتحها المعتصم في سنة ٢٢٣ ه. انظر «معجم البلدان» ٤ / ١٥٨ وسميت باسم امرأة اسمها عمورية بنت الروم بن اليغز بن سام بن نوح. المرجع المذكور.
(٢) الحرة : أرض ذات حجارة سود ، نخرات كأنها أحرقت بالنار ، والجمع : حرات وحرر. انظر «لسان العرب» ٤ / ١٧٩ لابن منظور الأفريقي.
(٣) السبخة : أرض ذات ملح ونزو وجمعها سباخ. انظر المرجع المذكور ٣ / ٢٤ ، قلت : المراد منها المدينة المنورة حيث وقعت هجرة الرسول إليها وهي المتصفة بما نعتها الراهب.
(٤) أي قبيلة كلب ، وينسب إلى كلب قبائل ، منها كلب اليمن وغير ذلك. انظر «اللباب» ٣ / ١٠٤.
(٥) وهو واد بين المدينة والشام من أعمال المدينة كثير القرى ، فتحها النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ سنة سبع عنوة ، ثم صولحوا على الجزية ، انظر «معجم البلدان» ٥ / ٣٤٥.
(٦) عند ابن سعد في «الطبقات» ٤ / ٧٨ (لي بدل مني).
(٧) هو عثمان بن الأشهل اليهودي القرضي ، سيأتي ذكره في رجال ح ١٣.
(٨) الزيادة من أ ـ ه.