فالتقدير إن فعلت فأنت ظالم. وكذلك وإنا إن شاء الله لمهتدون التقدير : إن شاء الله نهتد. فالذي يسوغ أن يقدر إن أتاكم عذابه فأخبروني ماذا يستعجل.
وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون ماذا يستعجل منه المجرمون اعتراضا والمعنى : إن أتاكم عذابه آمنتم به بعد وقوعه حين لا ينفعكم الإيمان؟ انتهى. أما تجويزه أن يكون ماذا جوابا للشرط فلا يصح ، لأنّ جواب الشرط إذا كان استفهاما فلا بد فيه من الفاء ، تقول : إن زارنا فلان فأي رجل هو ، وإن زارنا فلان فأي يد له بذلك ، ولا يجوز حذفها إلا إن كان في ضرورة ، والمثال الذي ذكره وهو : إن أتيتك ماذا تطعمني؟ هو من تمثيله ، لا من كلام العرب. وأما قوله : ثم تتعلق الجملة بأرأيتم ، إن عنى بالجملة ما ذا يستعجل فلا يصح ذلك لأنه قد جعلها جوابا للشرط ، وإن عني بالجملة جملة الشرط فقد فسر هو أرأيتم بمعنى أخبرني ، وأخبرني تطلب متعلقا مفعولا ، ولا تقع جملة الشرط موقع مفعول أخبرني. وأما تجويزه أن يكون أثم إذا ما وقع آمنتم به جواب الشرط ، وماذا يستعجل منه المجرمون اعتراضا فلا يصح أيضا ، لما ذكرناه من أنّ جملة الاستفهام لا تقع جوابا للشرط إلا ومعها فاء الجواب. وأيضا فثم هنا وهي حرف عطف ، تعطف الجملة التي بعدها على ما قبلها ، فالجملة الاستفهامية معطوفة ، وإذا كانت معطوفة لم يصح أن تقع جواب شرط. وأيضا فأرأيتم بمعنى أخبرني تحتاج إلى مفعول ، ولا تقع جملة الشرط موقعه.
وتقدم الكلام في قوله : (بَياتاً) (١) في الأعراف مدلولا وإعرابا. والمعنى إن أتاكم عذابه وأنتم ساهون غافلون ، إما بنوم وإما باشتغال بالمعاش والكسب ، وهو نظير قوله : (بَغْتَةً) (٢) لأن العذاب إذا فاجأ من غير شعور به كان أشد وأصعب ، بخلاف أن يكون قد استعد له وتهيىء لحلوله ، وهذا كقوله تعالى : بياتا وهم نائمون ضحى وهم يلعبون. ويجوز في ماذا أن يكون ما مبتدأ وذا خبره ، وهو بمعنى الذي ، ويستعجل صلته ، وحذف الضمير العائد على الموصول التقدير أي : شيء يستعجله من العذاب المجرمون. ويجوز في ماذا أن يكون كله مفعولا كأنه قيل : أي شيء يستعجله من العذاب المجرمون. وقد جوز بعضهم أن يكون ماذا كله مبتدأ ، وخبره الجملة بعده. وضعفه أبو عليّ لخلوّ الجملة من ضمير يعود على المبتدأ. والظاهر عود الضمير في منه على العذاب ، وبه يحصل الربط لجملة الاستفهام بمفعول أرأيتم المحذوف الذي هو مبتدأ في الأصل. وقيل : يعود على الله
__________________
(١) سورة الأعراف : ٧ / ٤.
(٢) سورة الأنعام : ٦ / ٣١ ـ ٤٤ ـ ٤٧.