تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) : الظاهر أن هذا من خطاب موسى لقومه. وقيل : ابتداء خطاب من الله لهذه الأمة ، وخبر قوم نوح وعاد وثمود قد قصه الله في كتابه ، وتقدم في الأعراف وهود ، والهمزة في ألم للتقرير والتوبيخ. والظاهر أنّ والذين في موضع خفض عطفا على ما قبله ، إما على الذين ، وإما على قوم نوح وعاد وثمود. قال الزمخشري : والجملة من قوله : لا يعلمهم إلا الله ، اعتراض والمعنى : أنهم من الكثرة بحيث لا يعلم عددهم إلا الله انتهى. وليست جملة اعتراض ، لأنّ جملة الاعتراض تكون بين جزءين ، يطلب أحدهما الآخر. وقال أبو البقاء : تكون هذه الجملة حالا من الضمير في من بعدهم ، فإن عنى من الضمير المجرور في بعدهم فلا يجوز لأنه حال مما جر بالإضافة ، وليس له محل إعراب من رفع أو نصب ، وإن عنى من الضمير المستقر في الجار والمجرور النائب عن العامل أمكن. وقال أبو البقاء : أيضا ويجوز أن يكون مستأنفا ، وكذلك جاءتهم. وأجاز الزمخشري وتبعه أبو البقاء : أن يكون والذين مبتدأ ، وخبره لا يعلمهم إلا الله. وقال الزمخشري : والجملة من المبتدأ والخبر وقعت اعتراضا انتهى. وليست باعتراض ، لأنها لم تقع بين جزءين : أحدهما يطلب الآخر. والضمير في جاءتهم عائد على الذين من قبلكم ، والجملة تفسيرية للنبأ. والظاهر أنّ الأيدي هي الجوارح ، وأنّ الضمير في أيديهم وفي أفواههم عائد على الذين جاءتهم الرسل. وقال ابن مسعود ، وابن زيد أي : جعلوا ، أي : أيدي أنفسهم في أفواه أنفسهم ليعضوها غيظا مما جاءت به الرسل. وقال ابن زيد : عضوا عليكم الأنامل من الغيظ. والعض بسبب مشهور من البشر. وقال الشاعر :
قد أفنى أنامله أزمة |
|
وأضحى يعض على الوظيفا |
وقال آخر :
لو أن سلمى أبصرت تخددي |
|
ودقة في عظم ساقي ويدي |
وبعد أهلي وجفاء عوّدي |
|
عضت من الوجد بأطراف اليد |
وقال ابن عباس : لما سمعوا كتاب الله عجبوا ورجعوا بأيديهم إلى أفواههم. وقال أبو صالح : لما قال لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أنا رسول الله إليكم ، وأشاروا بأصابعهم إلى أفواههم أن اسكت تكذيبا له ، وردا لقوله ، واستبشاعا لما جاء به. وقيل : ردّوا أيديهم في أفواههم ضحكا واستهزاء كمن غلبه الضحك فوضع يده على فيه. وقيل : أشاروا بأيديهم إلى