الضمير عائد على الغلة. وقيل : على الزينة ، وهو ضعيف. وجواب إذا قوله : أتاها أمرنا كالريح والصر والسموم وغير ذلك من الآفات كالفار والجراد. وقيل : أتاها أمرنا بإهلاكها ، وأبهم في قوله : ليلا أو نهارا ، وقد علم تعالى متى يأتيها أمره ، أو تكون أو للتنويع ، لأنّ بعض الأرض يأتيها أمره تعالى ليلا وبعضها نهارا ، ولا يخرج كائن عن وقوعه فيهما. والحصيد : فعيل بمعنى مفعول أي : المحصود ، ولم يؤنث كما لم تؤنث امرأة جريج. وقال أبو عبيدة : الحصيد المستأصل انتهى. وعبر بحصيد عن التألف استعارة ، جعل ما هلك من الزرع بالآفة قبل أوانه حصيدا علاقة ما بينهما من الطرح على الأرض. وقيل : يجوز أن تكون تشبيها بغير الأداة والتقدير : فجعلناها كالحصيد. وقوله : كأن لم تغن بالأمس ، مبالغة في التلف والهلاك حتى كأنها لم توجد قبل ، ولم يقم بالأرض بهجة خضرة نضرة تسر أهلها.
وقرأ الحسن وقتادة : كأن لم يغن بالياء على التذكير. فقيل : عائد على المضاف المحذوف الذي هو الزرع ، حذف وقامت هاء التأنيث مقامه في قوله : عليها ، وفي قوله : أتاها فجعلناها. وقيل : عائد على الزخرف ، والأولى عوده على الحصيد أي : كأن لم يغن الحصيد. وكان مروان بن الحكم يقرأ على المنبر : كأن لم تتغن بتاءين مثل تتفعل. وقال الأعشى : طويل الثواء طويل التغني ، وهو من غنى بكذا أقام به. قال الزمخشري : والأمس مثل في الوقت. كأنه قيل : كأن لم تغن آنفا انتهى. وليس الأمس عبارة عن مطلق الوقت ، ولا هو مرادف كقوله : آنفا ، لأنّ آنفا معناه الساعة ، والمعنى : كأن لم يكن لها وجود فيما مضى من الزمان. ولو لا أنّ قائلا قال في غير القرآن كأن لم يكن لها وجود الساعة لم يصح هذا المعنى ، لأنه لا وجود لها الساعة ، فكيف تشبه وهي لا وجود لها حقيقة بما لا وجود لها حقيقة؟ إنما يشبه ما انتفى وجوده الآن بما قدر انتفاء وجوده في الزمان الماضي ، لسرعة انتقاله من حالة الوجود إلى حالة العدم ، فكان حالة الوجود ما سبقت له. وفي مصحف أبي : كأن لم تغن بالأمس ، وما كنا لنهلكها إلا بذنوب أهلها. وفي التحرير نفصل الآيات ، رواه عنه ابن عباس. وقيل في مصحفه : وما كان الله ليهلكها إلا بذنوب أهلها. وفي التحرير : وكان أبو سلمة بن عبد الرحمن يقرأ في قراءة أبيّ كأن لم تغن بالأمس ، وما أهلكناها إلا بذنوب أهلها ، ولا يحسن أن يقرأ أحد بهذه القراءة لأنها مخالفة لخط المصحف الذي أجمع عليه الصحابة والتابعون انتهى. كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون