الإثبات ، ولا يقدر فيه معنى النفي. وفي الكلام حذف تقديره : فأجابوه إلى ما طلبه ، فلما آتوه موثقهم قال يعقوب : الله على ما نقول من طلب الموثق وإعطائه وكيل رقيب مطلع.
ونهيه إياهم أن يدخلوا من باب واحد هو خشية العين ، وكانوا أحد عشر لرجل واحد أهل جمال وبسطة قاله : ابن عباس ، والضحاك ، وقتادة ، وغيرهم ، والعين حق. وفي الحديث : «إن العين لتدخل الرجل القبر والجمل القدر وفي التعوذ ومن كل عين لامة» وخطب الزمخشري فقال : لأنهم كانوا ذوي بهاء وشارة حسنة ، وقد أشهرهم أهل مصر بالقربة عند الملك والكرامة الخاصة التي لم تكن لغيرهم ، فكانوا مظنة لطموح الأبصار إليهم من الوفود ، وأن يشار إليهم بالأصابع ، ويقال : هؤلاء أضياف الملك انظروا إليهم ما أحسنهم من فتيان ، وما أحقهم بالإكرام ، لأمر ما أكرمهم الملك وقربهم وفضلهم على الوافدين عليه. فخاف لذلك أن يدخلوا كوكبة واحدة فيعانوا لجمالهم وجلالة أمرهم في الصدور ، ويصيبهم ما يسوءهم ، ولذلك لم يوصهم بالتفرق في المرة الأولى ، لأنهم كانوا مجهولين معمورين بين الناس انتهى. ويظهر أنّ خوفه عليهم من العين في هذه الكرة بحسب أنّ محبوبه فيهم وهو بنيامين الذي كان يتسلى به عن شقيقه يوسف ، ولم يكن فيهم في الكرة الأولى ، فأهمل أمرهم ولم يحتفل بهم لسوء صنيعهم في يوسف. وقيل : نهاهم خشية أن يستراب بهم لقول يوسف : أنتم جواسيس. وقيل : طمع بافتراقهم أن يتسمعوا خبر يوسف ، ثم نفى عن نفسه أن يغني عنهم شيئا يعني : بوصاته ، إن الحكم إلا لله أي : هو الذي يحكم وحده وينفذ ما يريد ، فعليه وحده توكلت. ومن حيث أمرهم أبوهم أي : من أبواب متفرقة. روي أنهم لما ودعوا أباهم قال لهم : بلغوا ملك مصر سلامي وقولوا له : إن أبانا يصلي عليك ، ويدعو لك ، ويشكر صنيعك معنا. وفي كتاب أبي منصور المهراني : أنه خاطبه بكتاب قرىء على يوسف فبكى. وجواب لما قوله : ما كان يغني عنهم من الله من شيء ، وفيه حجة لمن زعم أن لما حرف وجوب لوجوب لا ، ظرف زمان بمعنى حين ، إذ لو كانت ظرف زمان ما جاز أن تكون معمولة لما بعد ما النافية. لا يجوز حين قام زيد ما قام عمرو ، ويجوز لما قام زيد ما قام عمرو ، فدل ذلك على أنّ لما حرف يترتب جوابه على ما بعده. وقال ابن عطية : ويجوز أن يكون جواب لما محذوفا مقدرا ، ثم يخبر عن دخولهم أنه ما كان يغني. ومعنى الجملة : لم يكن في دخولهم متفرقين دفع قدر الله الذي قضاه عليهم من تشريفهم وافتضاحهم بذلك ، وأخذ أخيهم بوجدان الصاع في رحله ، وتزايد مصيبته على أبيهم ، بل كان إربا ليعقوب قضاه وتطييبا لنفسه. وقيل : معنى ما كان يغني