فلان ، أي أنه مطيع له يصرفه كيف يشاء. ثم أخبر أنّ أفعاله تعالى في غاية الإحكام ، وعلى طريق الحق والعدل في ملكه ، لا يفوته ظالم ولا يضيع عنده من توكل عليه ، قوله الصدق ، ووعده الحق.
وقرأ الجمهور : فإن تولوا أي تتولوا مضارع تولى. وقرأ الأعرج وعيسى الثقفي : تولوا بضم التاء واللام مضارع ولّى ، وقيل : تولوا ماض ويحتاج في الجواب إلى إضمار قول ، أي : فقل لهم قد أبلغتكم ، ولا حاجة تدعو إلى جعله ماضيا وإضمار القول. وقال ابن عطية : ويحتمل أن يكون تولوا فعلا ماضيا ، ويكون في الكلام رجوع من غيبة إلى خطاب أي : فقد أبلغتكم انتهى. فلا يحتاج إلى إضمار ، والظاهر أنّ الضمير في تولوا عائد على قوم هود ، وخطاب لهم من تمام الجمل المقولة قبل. وقال التبريزي : هو عائد على كفار قريش ، وهو من تلوين الخطاب ، انتقل من خطاب قوم هود إلى الإخبار عمن بحضرة الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وكأنه قيل : أخبرهم عن قصة قوم هود ، وادعهم إلى الإيمان بالله لئلا يصيبهم كما أصاب قوم هود ، فإن تولوا فقل لهم : قد أبلغتكم. وجواب الشرط هو قوله : فقد أبلغتكم ، وصح أن يكون جوابا ، لأن في إبلاغه إليهم رسالته تضمن ما يحل بهم من العذاب المستأصل ، فكأنه قيل : فإن تتولوا استؤصلتم بالعذاب. ويدل على ذلك الجملة الخبرية وهي قوله : ويستخلف ربي قوما غيركم.
وقال الزمخشري : (فإن قلت) : الإبلاغ كان قبل التولي ، فكيف وقع جزاء للشرط؟ (قلت) : معناه فإن تولوا لم أعاقب على تفريط في الإبلاغ ، فإنّ ما أرسلت به إليكم قد بلغكم فأبيتم إلا تكذيب الرسالة وعداوة الرسول. وقال ابن عطية : المعنى أنه ما عليّ كبيرهم منكم إن توليتم فقد برئت ساحتي بالتبليغ ، وأنتم أصحاب الذنب في الإعراض عن الإيمان. وقرأ الجمهور : ويستخلف بضم الفاء على معنى الخبر المستأنف أي : يهلككم ويجيء بقوم آخرين يخلفونكم في دياركم وأموالكم. وقرأ حفص في رواية هبيرة : بجزمها عطفا على موضع الجزاء ، وقرأ عبد الله كذلك ، وبجزم ولا تضروه ، وقرأ الجمهور : ولا تضرونه أي شيئا من الضرر بتوليتكم ، لأنه تعالى لا تجوز عليه المضار والمنافع. قال ابن عطية : يحتمل من المعنى وجهين : أحدهما : ولا تضرونه بذهابكم وهلاككم شيئا أي : لا ينقص ملكه ، ولا يختل أمره ، وعلى هذا المعنى قرأ عبد الله بن مسعود ولا تنقصونه شيئا. والمعنى الآخر : ولا تضرونه أي : ولا تقدرون إذا أهلككم على إضراره بشيء ، ولا