وقرأ الجمهور : نوفّ بنون العظمة ، وطلحة بن ميمون : يوف بالياء على الغيبة. وقرأ زيد بن علي : يوف بالياء مخففا مضارع أوفى. وقرىء توف بالتاء مبنيا للمفعول ، وأعمالهم بالرفع ، وهو على هذه القراآت مجزوم جواب الشرط ، كما انجزم في قوله : (مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ) (١) وحكي عن الفراء أنّ كان زائدة ، ولهذا جزم الجواب. ولعله لا يصح ، إذ لو كانت زائدة لكان فعل الشرط يريد ، وكان يكون مجزوما ، وهذا التركيب من مجيء فعل الشرط ماضيا والجواب مضارعا ليس مخصوصا بكان ، بل هو جائز في غيرها. كما روي في بيت زهير :
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه |
|
ولو رام أن يرقى السماء بسلم |
وقرأ الحسن : نوفي بالتخفيف وإثبات الياء ، فاحتمل أن يكون مجزوما بحذف الحركة المقدرة على لغة من قال : ألم يأتيك وهي لغة لبعض العرب ، واحتمل أن يكون مرفوعا كما ارتفع في قول الشاعر :
وإن شل ريعان الجميع مخافة |
|
يقول جهارا ويلكم لا تنفروا |
والحصر في كينونة النار لهم ظاهر في أنّ الآية في الكفار ، فإن اندرج أهل الرياء فيها فيكون المعنى في حقهم : ليس يجب لهم ولا يحق لهم إلا النار كقوله : (فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ) (٢) وجائز أن يتغمدهم الله برحمته وهو ظاهر قول ابن عباس وابن جبير. والضمير في قوله : ما صنعوا فيها ، الظاهر أنه عائد على الآخرة ، والمجرور متعلق بحبط ، والمعنى : وظهر حبوط ما صنعوا في الآخرة. ويجوز أن تتعلق بقوله : صنعوا ، فيكون عائدا على الحياة الدنيا ، كما عاد عليها في فيها قبل. وما في فيما اصنعوا بمعنى الذي ، أو مصدرية ، وباطل وما بعده توكيد لقوله : وحبط ما صنعوا ، وباطل خبر مقدم إن كان من عطف الجمل ، وما كانوا هو المبتدأ ، وإن كان خبرا بعد خبر ارتفع ما بباطل على الفاعلية. وقرأ زيد بن علي : وبطل جعله فعلا ماضيا. وقرأ أبي ، وابن مسعود : وباطلا بالنصب ، وخرجه صاحب اللوامح على أنه مفعول ليعملون ، فهو معمول خبر كان متقدما. وما زائدة أي : وكانوا يعملون باطلا ، وفي جواز هذا التركيب خلاف بين النحويين. وهو أن يتقدم معمول الخبر على الجملة بأسرها من كان اسمها وخبرها ، ويشهد للجواب قوله تعالى : (أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ) (٣) ومن منع
__________________
(١) سورة الشورى : ٤٢ / ٢٠.
(٢) سورة النساء : ٤ / ٩٣.
(٣) سورة سبأ : ٣٤ / ٤٠.