ووصل بغدوين من القدس في جموع الفرنج ، ووصل إليه جوسلين ، ونزلوا عم (١) وأرتاح ، وسيّروا إلى البرسقيّ : «ترحل عن هذا الموضع ، ونتّفق على ما كنّا عليه في العام الخالي ، ونعيد رفنية عليك» ، فتجنّب الحرب ، وخشي أن يتم على المسلمين ما تمّ على عزاز فصالحهم إلى أن فرّج الخناق عن الأثارب ، وخرج صاحبها بماله ورجاله.
فغدر الفرنج وقالوا : «ما نصالح إلّا على أن تكون الأماكن التي ناصفنا فيها في العام الماضي لنا دون المسلمين». فامتنع من ذلك وأقام على حلب أياما والرسل تتردد بينهم ، فلما لم تتفق حال عاد أق سنقر ، ونزل قنسرين ، ورحل إلى سرمين ، وامتدت العساكر إلى الفوعة ودانيث.
ونزل الفرنج على حوش معرّة مصرين ، فأقاموا كذلك إلى نصف رجب ، ونفدت أزواد الفرنج ، فعادوا إلى بلادهم ، ثم عاد البرسقي وفي صحبته أتابك طغتكين ، وكان وصل اليه وهو على قنسرين فدخلوا من العسكر ونزلوا باب حلب.
ومرض أتابك فعملت له المحفّات ، وأوصى إلى البرسقي ، وتوجه إلى دمشق ، وسلّم البرسقي حلب وتدبيرها إلى ولده عزّ الدين مسعود ، فدخل حلب ، وأجمل السيرة وتحلّى بفعل الخير.
وسار أبوه إلى الموصل ، فدخلها في ذي القعدة سنة عشرين
__________________
(١) عمّ : قرية غناء ذات عيون جارية وأشجار متدانية بين حلب وأنطاكية ـ معجم البلدان.