فجمع البرسقيّ العساكر وحشد ، وسار نحو الشّام لحربهم حتى وصل الرّقة في أواخر شهر ربيع الآخر ، وسار إلى أن نزل بالنّقرة على النّاعورة في الشهر المذكور ، وأقام به أيّاما والفرنج يراسلونه ، فراسله جوسلين على أن تكون الضّياع ما بين عزاز وحلب مناصفة وأن يكون الحرب بينهما على غير ذلك ، فاستقرّ هذا الأمر.
وكان بدر الدّولة سليمان بن عبد الجبّار وشهريار بك ابن عمه ، قد توجّها مع جماعة من التركمان إلى المعرّة فأوقعوا بعسكر الفرنج ، وقتل المسلمون منهم مائة وخمسين ، وأسروا جفري بلنك ، صاحب بسرفوث ، من جبل بني عليم ، وأودع في سجن حلب.
وكان قد سيّر البرسقيّ ولده عزّ الدين مسعودا منجدا لصاحب حمص ، فاندفع الفرنج عنها فعاد عزّ الدين إلى والده ، فتركه بحلب ، وعزل بابك عن ولايتها وولّاها كافور الخادم إلى أن ينظر فيمن يوليه إياها ولاية مستقلة.
ورحل قسيم الدولة إلى الأثارب في الثامن من جمادى الآخرة من سنة عشرين ، وسيّر بابك بن طلماس في جماعة من العسكر والنقّابين إلى حصن الدير المجدّد فوق سرمدا ففتحه سلما.
وقتل من الخيّالة بعد ذلك خمسون فارسا ، ونهب العساكر الغلال والفلاحين في سائر البلد الذي وصلت الغارات إليه ، ورفعوا الغلّة جميعها إلى حلب ، وزحفوا إلى قلعة الأثارب ، وخربوا الحوشين ، ولم يتيسر فتحها.