وخمسمائة ، وقصد الجامع بها ليصلّي فيه يوم الجمعة تاسع ذي القعدة ، وقصد المنبر ، فلما قرب منه وثب عليه ثمانية نفر في زيّ الزّهاد ، فاخترطوا خناجر وقصدوه وعليه درع من الحديد ، وحوله جمع عظيم وهو متحفظ منهم ، فسبقوا أصحابه إليه ، فضربوه حتى أثخنوه وحمل جريحا فمات من يومه.
وقتل من كان وثب عليه من الباطنيّة غير شاب واحد كان من كفرناصح (١) ضيعة من عمل عزاز ـ فإنّه سلم ، وكان له أم عجوز فلما سمعت بقتل البرسقي وقتل من وثب عليه وكانت قد علمت أنّ ابنها معهم فرحت واكتحلت وجلست مسرورة فوصلها ابنها بعد أيام سالما فأحزنها ذلك ، وجزّت شعرها وسوّدت وجهها.
وقيل : إنّ البرسقي قتل بيده منهم ثلاثة ، وكان البرسقي ـ رحمهالله ـ قد رأى تلك الليلة في منامه عدّة من الكلاب ثاروا به فقتل بعضها ، ونال منه الباقون أذى شديدا ، فقصّ رؤياه على أصحابه ، فأشاروا عليه بترك الخروج من داره عدّة أيام ، فقال : «لا أترك الجمعة لشيء أبدا» ، وكان من عادته أن يحضر الجمعة مع العامة ـ رحمهالله ـ وكان وزير البرسقيّ المؤيد بن عبد الخالق ، وكان قدم معه حلب حين قدمها.
وملك عزّ الدين مسعود حلب عند ورود الخبر عليه بقتل أبيه في سنة
__________________
(١) ما تزال كفر ناصح تحمل الاسم نفسه وهي في منطقة جبل سمعان ـ محافظة حلب وتبعد عن حلب مسافة ٣٣ كم. انظر بغية الطلب ١٩٦٨ ـ ١٩٧٠ حيث المزيد من التفاصيل.