وحلف على ذلك وعلى أن يخرج دبيس بن صدقة (١) من النّاس ، وكان قد وصل دبيس منهزما من المسترشد بعد أن كسره المسترشد ، وقتل خلقا من عسكره فترك بلاده ، وحمل ما قدر عليه من العين والعروض على ظهور المطايا ؛ ووفد على ابن سالم بن مالك بن بدران إلى قلعة دوسر ، واستجار به فأجاره ، وغاضب المسترشد والسلطان محمودا في أمره.
وكاتب دبيس قوما من أهل حلب ؛ وأنفذ لهم جملة دنانير ، وسامهم تسليمها إليه ، وكشف ذلك رئيسها فضائل بن صاعد بن بديع ، فأطلع على ذلك تمرتاش بن إيلغازي ، فأخذهم وعذّبهم وشنق بعضهم ، وصادر بعضا ، وأحرق بعضا.
وكان المتوسّط حديث بغدوين مع تمرتاش الأمير أبو العساكر سلطان بن منقذ ، وسيّر أولاده وأولاد إخوته رهنا عن بغدوين إلى حلب.
وفكّت قيود بغدوين وأحضر إلى مجلس تمرتاش ، وتواكلا وتشاربا وخلع عليه قبآء ملكيا وقلنسوة ذهب وخفافا ورانا (٢) ؛ وأعيد عليه الحصان الذي كان أخذه منه بلك يوم أسره ، فركبه ، وسار إلى شيزر يوم الأربعاء رابع جمادى ، فبقي عند أبي العساكر حتى أحضر جماعة رهنا على الوفاء بما شرطه لتمرتاش وهم : ابنته ، وابن جوسلين ، وغيرهما من أولاد الفرنج ، وعدّتهم اثنا عشر نفرا ، وحمل العشرين ألف دينار التي عجّلها.
__________________
(١) لدبيس ترجمة مفيدة في بغية الطلب ص ٣٤٧٨ ـ ٣٤٩٣.
(٢) ما يشد حول الساق.