وينهب ويأسر ، وغنموا كلّ ما قدروا عليه ، ووصل من رسل حلب من يستحثّه على الوصول لتواصل غارات الفرنج من جهة الأثارب واياس أهلها من أنفسهم ، فسار إلى مرج دابق ثمّ إلى المسلمية ، ثمّ إلى قنّسرين في أواخر صفر من سنة ثلاث عشرة وخمسمائة.
وسارت سراياه في أعمال الرّوج والفرنج يقتلون ويأسرون ، وأخذوا حصن قسطون في الرّوج ، وجمع سرجال صاحب أنطاكية الفرنج والأرمن وغيرهم ، وخرج إلى جسر الحديد ، ثمّ رحلوا ونزلوا بالبلاط بين جبلين ، ممايلي درب سرمدا ، شمالي الأثارب ، وذلك في يوم الجمعة التّاسع من شهر ربيع الأول.
وضجر الأمراء من طول المقام ، وإيلغازي ينتظر أتابك طغتكين ليصل إليه ويتفقا على ما يفعلانه ، فاجتمعوا وحثّوا إيلغازي على مناجزة العدوّ فجدّد إيل غازي الأيمان على الأمراء والمقدّمين أن يناصحوا في حربهم ، ويصابروا في قتال العدوّ ، وأنّهم لا ينكلون ويبذلون مهجهم في الجهاد ، فحلفوا على ذلك بنفوس طيبة.
وسار المسلمون جرايد ، وخلّفوا الخيام بقنّسرين ، وذلك في يوم الجمعة السّادس عشر من شهر ربيع الأوّل ، فباتوا قريبا من الفرنج وقد شرعوا في عمارة حصن مطلّ على تل عفرين والفرنج يتوهّمون أن المسلمين ينازلون الأثارب أو زردنا ، فما شعروا عند الصبح إلّا ورايات المسلمين قد أقبلت ، وأحاطوا بهم من كل جانب.