وبلغني أنه حنق عليه بسبب حصر أراد شراءها فاشتراها المجنّ ، فشقّ على أبي نصر ، فسيّرها المجنّ إليه ، فردّها عليه أبو نصر ، وتكلّم في حقّه بكلام قبيح فحنق بسببها على ابن النّحاس ، فاعتقله بعد ذلك عنده وخنقه.
وكان كثير السّعاية في قتل النّفوس وسفك الدّماء وأخذ الأموال وارتكاب الظّلم ، فعصى على الملك رضوان ، ثم ضعف واختفى بعد أن حصر رضوان في قلعة حلب في سنة تسعين وأربعمائة.
فأمر رضوان مناديا نادى بالقلعة بأن الملك قد ولّى رئاسة حلب صاعد بن بديع فانقلب الأحداث عنه لبغضهم إيّاه ، ومضوا إلى صاعد فاختفى المجنّ ، ثم ظهر عليه فعجل الله المكافأة له على قبيح فعله.
وسلّط عليه الملك رضوان فسجنه في ذي القعدة من سنة تسعين وعذّبه عذابا شديدا بأنواع شتى ، وأراد بذلك أن يستصفي ماله. فممّا عذّبه به أنّه أحمى الطست حتّى صار كالنّار ، ووضعه على رأسه ، ونفخ في دبره بكير الحدّاد ، وثقب كعابه ، وضرب فيها الرّزز والحلق.
ولمّا وضع النّجار المثقب على كعبه قطع الجلد واللّحم ولم يدر المثقب ، فلطمه المجنّ وقال : «ويلك لا تعرف! أحضر خشبة ، وضعها على الكعب». فأحضر خشبة ووضعها على كعبة ، فدار المثقب ونزل ونزل ، وثقب الكعب.