فتوقفوا عن تبعهم ، فكان ذلك سببا لسلامة من أراد الله سلامته ؛ ولم يبق غير كربوقا ومعه أكثر عسكره ، فأحرق سرادقة وخيامه وانهزم نحو حلب.
وقتل من المطوعة والغلمان والسّوقة خلق كثير ، ولم يقتل مذكور ، ونهب من المسلمين من الآلات والخيام والكراع والغلّات ما لا يحصى ، ومن انقطع من العسكر نهبه الأرمن (١).
وعاد الفرنج إلى قلعة انطاكية ، وبها أحمد بن مروان ، فراسله الفرنج وأمّنوه ، ومن كان معه ، وسلّمها إليهم يوم الأحد الثّاني من شعبان من السّنة ، وأنزلوه في دار بأنطاكية وأطلقوا أصحابه وسيّروا معهم من يوصلهم إلى أعمال حلب ؛ فخرج الأرمن فأخذوا بعضهم وقتلوا بعضهم ، ولم يسلم منهم إلّا القليل.
ولمّا وصل كربوقا إلى حلب خرج إليه الملك رضوان ، وحمل له خياما وغيرها ، ورحل عنها ، وعاد عسكر دمشق إليها وتفرّقت العساكر.
وبعد أيّام من هذه الوقعة خرج جماعة من الفرنج في شعبان ، وزحفوا مع أهل تلمنس وجميع نصارى بلد المعرّة على المعرّة وقاتلوها ، فوصلت قطعة من عسكر حلب إليهم ، فالتقوا بين تلّ منس والمعرّة ، فانهزم الفرنج وبقي الرّجالة منهم ، فقتل منهم زائدا عن ألف رجل ، وحملت رؤوسهم إلى معرّة النّعمان.
__________________
(١) انظر يوميات صاحب أعمال الفرنجة في كتابي الحروب الصليبية ـ ط. دمشق ١٩٨٤ ص ٢٣٩ ـ ٢٦١. وليم الصوري ص ٣٣٧ ـ ٣٦٤.