ونزل المسلمون بظاهرها ممّا يلي الجبل ، ودخلوا البلد من ناحية القلعة ، وقاتلوا الفرنج في جبل المدينة ، وأشرف الفرنج على التّلف فبنوا سورا على بعض الجبل يمنع المسلمين من النزول إليهم ، وأقاموا أيّاما ، وعدم القوت عندهم.
واحتوى كربوقا على كثير ممّا كان في قلعة أنطاكية ، وولّى فيها أحمد بن مروان ، وترادفت رسل الملك رضوان في أثناء ذلك إلى كربوقا ، فتوهّم دقاق من ذلك ، وخاف جناح الدّولة من أصحاب يوسف بن أبق وأخيه.
وجرت بين الأتراك والعرب الّذين مع وثّاب منافرة عادوا لأجلها ، وتفرّق كثير من التّركمان بتدبير الملك رضوان ورسالته.
وتخيّل بعض الأمراء من بعض ثم اجتمع رأيهم على التحوّل إلى المنازلة في السّهل بظاهر أنطاكية ، فنزلوا باب البحر ، وجعل المسلمون بينهم وبين البلد خندقا.
وأكل الفرنج بأنطاكية الميتات والدّواب ، فخرجوا من أنطاكية يوم الاثنين السّادس والعشرين من شهر رجب.
فأشار وثّاب بن محمود أن يمنعوا من الخروج ، وأشار بعض الأمراء أن لا يمكنوا من الخروج بأجمعهم ويقتلوا أوّلا فأوّلا ، فلم يعرّج المسلمون على شيء من ذلك لأنهم أيقنوا بالظّفر بالفرنج ، وخرجوا بأجمعهم في خلق عظيم.
وعاث التّركمان في العسكر فانهزم ، وتوهّم الفرنج أن ذلك مكيدة