وطلع الفرنج في سحرة هذه اللّيلة إلى البلد وصاح الصّائح من ناحية الجبل ، فتوهّم يغي سيان أنّ القلعة قد أخذت فخرج من البلد في جماعة منهزمين فلم يسلم منهم أحد.
ولمّا حصل بالقرب من أرمناز ومعه خادم من غلمانه وقع عن ظهر فرسه ، فحمله الخادم الذي كان معه ، وأركبه ، فلم يثبت على ظهر الفرس ، وعاد فسقط ، وأدركه الأرمن ؛ فهرب الخادم عنه ، وقتله الأرمن وحملوا رأسه إلى الفرنج.
واستشهد في ذلك اليوم بأنطاكية ما يفوت الإحصاء ويجاوز العدد ، ونهبت الأموال والآلات والسّلاح ؛ وسبي من كان بأنطاكية ، ووصل هذا الخبر إلى عمّ وانّب (١) ، فهرب من كان بها من المسلمين وتسلمها الأرمن.
وبلغ الخبر إلى دقاق وكربوقا ومن كان معهما ، فرحلوا إلى أرتاح ، وسار بعضهم إلى جسر الحديد (٢) وقتلوا من كان فيه من الفرنج ، وتوجّهوا نحو أنطاكية ، فعرفوا أنّ قلعتها باقية في أيدي المسلمين ، فأعلموا العساكر الإسلامية بذلك ، فوصلوا إلى أنطاكية سحرة يوم الثلاثاء سادس رجب ، فانهزم من كان بظاهر البلد من الفرنج إليها.
__________________
(١) إنب : حصن من أعمال عزاز من نواحي حلب. وعم قرية غناء بين حلب وأنطاكية. معجم البلدان.
(٢) انظر وليم الصوري ص ٣٣٣ ـ ٣٣٦ ، وجسر الحديد كان مقاما على العاصي انظر خريطة أنطاكية ص ١٢٤ من وليم الصوري.