دقاق مالا أخذ بعضه ورهائن على الباقي ، وسيّرهم إلى دمشق.
وسار دقاق بالعساكر إلى مرج دابق ، واجتمع بكربوقا فيه في آخر جمادى الآخرة ، ورحلوا منه نحو أنطاكية.
فلما كان ليلة الخميس أوّل ليلة من رجب واطأ رجل يعرف بالزّرّاد من أهل أنطاكية وغلمان له على برج كانوا يتولّون حفظه ؛ وذلك أن يغي سيان كان قد صادر هذا الزّرّاد وأخذ ماله وغلّته ، فحمله الحنق على أن كاتب بيمند وقال له : «أنا في البرج الفلاني ، وأنا أسلّم إليك أنطاكية إن أمنتني وأعطيتني كذا وكذا». فبذل له ما طلب ، وكتم أمره عن باقي الفرنج.
وكان بعسكر الفرنج تسعة قوامص مقدّمين عليهم كندفري ، وأخوه القمص ، وبيمند ، وابن اخته طنكريد وصنجيل وبغدوين وغيرهم ، فجمعهم بيمند وقال لهم : «هذه أنطاكية إن فتحناها لمن تكون؟» فاختلفوا ، وكلّ طلبها لنفسه ، فقال : «الصّواب أن يحاصرها كلّ رجل منا جمعة ؛ فمن فتحت في جمعته فهي له» ، فرضوا بذلك.
فلما كانت نوبته دّلى لهم الزّرّاد ـ لعنه الله ـ حبلا ، فطلعوا من السّور ، وتكاثروا ، ورفع بعضهم بعضا وجاءوا إلى الحراس ، فقتلوهم ، وتسلّمه بيمند بن الانبرت (١).
__________________
(١) معلومات ابن العديم هنا على درجة عالية من الدقة ، والانبرت هو الامبراطور ، أراد به والد بوهموند جويسكارد النورمندي ، وهناك خلاف حول أصل وشخصية الزراد. انظر وقارن وليم الصوري ـ تاريخ الحروب الصليبية ـ ترجمتي ـ ط. بيروت ١٩٩٠ ص ٢٧٩ ـ ٣٣٢.