عسكر المسلمين إلى حارم (١) وذلك في آخر صفر ، وتبعهم عسكر الفرنج إلى حارم فانهزموا إلى حلب ، وغلب أهل حارم من الأرمن عليها.
وفي شهر ربيع الأول من السّنة وصل خلق من الأرمن إلى تل قبّاسين بناحية الوادي فقتلوا من فيه ، وخرج المسلمون الذين بالوادي وجماعة من الأتراك تبعوهم وقتلوا منهم جماعة ، والتجأ الباقون إلى بعض الحصون الخربة ، فأدركهم عسكر حلب فقاتلهم يومين ، وأخذوهم فقتلوا بعضهم ، وحمل الباقي أسرى إلى حلب فقتلوا ، وكانوا يزيدون عن ألف وخمسمائة.
ولما نزل الفرنج ـ لعنهم الله ـ بأنطاكية جعلوا بينهم وبين البلد خندقا لأجل غارات عسكر أنطاكية عليهم وكثرة الظّفر بهم ، ولا يكاد يخرج عسكر أنطاكية ويعود إلّا ظافرا.
وجعل يغي سيان النّاس على البعد والقرب ، وكان حسن التّدبير في سياسة العسكر.
وجمع كربوقا صاحب الموصل عسكرا عظيما ، وقطع به الفرات ، ووصل دقاق وطغتكين وجناح الدولة ، ووصل سكمان بن أرتق ، وفارق رضوان وسار مع دقاق.
ووصل وثّاب بن محمود ومعه جماعة من العرب ووصلوا تل منس وقاتلوها لأنه بلغهم أنهم كاتبوا الفرنج وأطمعوهم في الشّام ، وقرّر عليهم
__________________
(١) حارم الآن من مناطق محافظة ادلب وتبعد عن ادلب مسافة ٥٣ كم.