وفعل أهل أرتاح (١) مثل ذلك واستدعوا المدد من الفرنج ، وهذا كله لقبح سيرة يغي سيان وظلمه في بلاده.
ونزل الفرنج على أنطاكية لليلتين بقيتا من شوال من سنة تسعين وأربعمائة.
وخرج في المحرّم من سنة إحدى وتسعين وأربعمائة نحو ثلاثين ألفا من الفرنج إلى أعمال المسلمين ببلد حلب ، فأفسدوا ونهبوا وقتلوا من وجدوا.
وكان قد وصل الملك دقاق وأتابك ومعهما جناح الدّولة ، ونزلوا أرض شيزر ، ومعهم ابن يغي سيان وهم سائرون لانجاد أبيه ، فبلغهم خبر هذه السريّة ، فساروا إليها بقطعة من العسكر ، فلقوهم في أرض البارة (٢) فقتلوا منهم جماعة.
وعاد الفرنج إلى الروج (٣) ، وعرجوا منه إلى معرّة مصرين (٤) ، فقتلوا من وجدوا وكسروا منبرها ، وحين عاد العسكر الدمشقي من البارة فارقهم ابن يغي سيان ووصل إلى حلب يستنجد بالملك رضوان ، فأخذ عسكر حلب وسكمان ، ودخل بهما إلى أنطاكية فلقيهم من الفرنج دون عدّتهم ، فانهزم
__________________
(١) أرتاح اسم حصن منيع كان من العواصم من أعمال حلب. معجم البلدان.
(٢) بليدة في منطقة أريحا محافظة ادلب السورية ، كان بها حصن ، ما زالت خرائبها شاهدة على عظمة ماضيها ، انظر معجم البلدان وانظر الخبر أيضا عند ابن القلانسي ص ٢١٩.
(٣) الروج من كور حلب المشهورة في غربيها. معجم البلدان.
(٤) معرة مصرين من قرى محافظة ادلب وتتبع إداريا لها وتبعد عن ادلب مسافة ١٠ كم.