أربعين (١) وكان مسدودا ـ وأحسن إلى كافّة أهلها ، وخلع على أحداثهم ، وتصدّق بمال كثير وغلّة.
وكان سديد الملك بن منقذ قد وفد على شرف الدّولة ونزل معه على حلب ، وكان شرف الدّولة قد عزم على الرّحيل من حلب لما حلّ بهم من الضجر ومصابرة أهل حلب ؛ وغلت الأسعار عندهم حتى صار الخبز ستّة أرطال بدينار.
وفرّ سديد الملك أبو الحسن بن منقذ من سور القلعة ، فاطلع إليه صديق له من أهل الأدب ، فقال له : «كيف أنتم» فقال : «طول جبّ» خوفا من تفسير الكلمة. فعاد ابن منقذ وهو يقلّب هذا الكلام فصحّ له أنّه قصد بكلامه أنّهم قد ضعفوا. وأوجس أنّها كلمتان ، وأنّ قوله : «طول» يريد به : «مدا» و «جبّ» يريد به «بير» فقال «مدابير والله». فأعلم شرف الدّولة بذلك فقوّى نفسه فملكها.
ولمّا فتحت المدينة انحاز سابق إلى القلعة ، وأخواه شبيب ووثّاب في القصر ، لضيق القلعة ؛ وشرف الدّولة محاصر للقلعة بالمنجنيقات والعساكر. ولم يبق بالشّام وحصون جبل بهراء (٢) ، وحمص ، وفامية شيزر ومن لم يفد على السّلطان إلا وفد عليه.
__________________
(١) وصف ابن العديم هذا الباب ، وتحدث عن سبب تسميته. بغية الطلب ج ١ ص ٥٥ ـ ٥٦.
(٢) جبال اللاذقية أو العلويين.