ونزل حلب في السّادس عشر من ذي الحجة ، سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة فغلّقت أبوابها في وجهه ، وكان عند سابق أخواه شبيب ووثّاب بحلب ، فلم يمكّناه من التّسليم ، فلم يقاتلها ، وأهلها يحرصون على التّسليم إليه لما هم فيه من الجوع وعدم القوت.
وكان مع شرف الدّولة في عسكره غلّة كثيرة وقوّة تجوز الحدّ ، وتزيد عن الوصف. وكان الرّئيس بحلب ونقيب الأحداث بها الشريف حسن بن هبة الله الهاشميّ ، المعروف بالحتيتي ، وكان ولده أبو منصور قد خرج مع عسكر سابق لقتال بعض الأتراك المخالفين في بيت لاها (١) فأسروه ؛ وبقي أسيرا في الموضع مع خطلج أحد أصحاب أحمد شاه.
فلمّا وصل شرف الدّولة إلى حلب وفد التّرك كلّهم عليه ؛ وتقرّبوا إليه بولد الشّريف الحتيتي.
وقيل : إنّه طلبه منهم فلمّا حضر عنده خلع عليه ، وأطلقه فدخل البلد ، وأخذ معه جماعة من أصحابه ، وفتح باب حلب ، ونادى بشعار شرف الدّولة في اليوم السادس والعشرين من ذي الحجة ، من سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة.
وتسلّمها ، ودخل أصحابه إليها ، وقلع أبوابها جميعها ، وفتح باب
__________________
(١) يقال لبيت لاها الغربي جبل اللكام ، وهو مسكن العباد والزهاد ، وفيه من الفواكه المباحة ما يقتاتون به ، وهو يفصل بين الثغور الشامية والجزرية. وبغية الطلب ج ١ ص ٤٣٩.