من بلد كفرطاب ـ فتحصّن أهلها في أبراجها ؛ وتعذّرت عليه فأحرقها ، وهلك جميع من كان فيها.
وبلغ تاج الدّولة ذلك ، وهو بدمشق ، فأسرع السّير إلى أن وصل إلى ظاهر كفرطاب يطلب أرسلان تاش ، فوجده قد رحل إلى بلاد الروم ، فعاد إلى دمشق وسكن الناس في طريقه.
وحين رجع أفشين من الشّام ولم يبق في أعمال حلب ضيعة مسكونة من بلد المعرة إلى حلب ، توجه إلى بلد أنطاكية فأخرب ما قدر عليه ، ونهب وسبى ما وجده ، وحمل إليه من أنطاكية مال ؛ وتوجّه إلى الشرق بعد امتلاء صدره وصدر عسكره من النّهب.
وجرى من هذا الحادث بالشّام أمر لم يسمع بمثله ، وتلف أهله بعد ذلك بالجوع. ووجد قوم قد قتلوا قوما وأكلوا لحومهم ؛ وبيعت الحنطة ستة أرطال بدينار وما سوى ذلك بالنسبة.
وجلا من سلم من الشام إلى بلد شرف الدولة أبي المكارم مسلم بن قريش ، فأحسن إليهم وتصدّق عليهم ؛ وكان ذلك الاحسان منه أكبر الأسباب في مملكته حلب.
ولمّا جرى هذا الحادث طمع شرف الدّولة في الشّام ؛ وكاتبه سابق بن محمود يبذل له التّسليم إليه ؛ ووفدت عليه بنو كلاب بأسرها ، فتوجّه إلى حلب ، ونزل بالس (١) يوم عيد النّحر من سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة.
__________________
(١) هي بلدة مسكنة الحالية في سورية.