وبلغ الخبر إلى الأمير عزّ الدّولة محمود بن نصر بن صالح ، وهو يسير في الميدّان بظاهر مدينة حلب ؛ فسار في الوقت يوم الاثنين في التّرك والعرب ؛ ولم يدخل البلد ، واجتمع عليه خلق عظيم سمع من يحزرهم بخمسين ألفا ؛ فحاصره سبعة أيام ، وفتحه يوم السّبت ، وقتل جميع رجاله ، وكانوا ألفين وسبعمائة ؛ وفي ذلك يقول أبو محمّد الخفاجي :
إن أظهرت لعلاك «أنطاكيّة» |
|
حزنا فقد ضحكت على قطبانها |
بعث البريد مخبّرا عن وثبة |
|
ما كان أحوجه إلى كتمانها |
لمّا أطلّ له لواؤك خافقا |
|
عرفت وجوه الذّل في صلبانها |
وفيه يقول أبو الفضل عبد الواحد بن محمّد الحلبيّ الربعي :
رددت على الاسلام شرخ شبابه |
|
وكادت عليه أن تقام المآتم |
وظنّ طغاة الرّوم منذ أغبّهم |
|
نزالك أنا حين ذاك نسالم |
ثم إنّ محمودا هادن الرّوم في هذه السّنة على أن اقترض منهم أربعة عشر ألف دينار ، وعلى أن يجعل ولده «نصرا» رهنا عليها ، ويهدم حصن أسفونا. فأخرج ثابت ابن عمّه معزّ الدّولة وشبل بن جامع ، وجمعا النّاس من معرّة النّعمان وكفر طاب وأعمالهما ؛ وخربا حصن أسفونا.
ووقعت فتنة بحلب بين الحلبيّين والأتراك ، وقتل من الأتراك نحو أربعين رجلا ، ومن الحلبيين عشرة. ووصل في سنة اثنتين وستّين وأربعمائة صندق التركي خارجا من بلد الرّوم ، ومعه عسكر عظيم ؛ ودخل إلى بلد