الفرات إلى العاصي إلى أفامية إلى باب أنطاكية إلى الأثارب. وقيل بأنهم أحصوا إلى شهر رمضان من هذه السنة أنّه افتقد من الرّوم في الدّرب إلى أفامية بحساب قتلا وأسرا ثلاثمائة ألف نفر.
وخرج ملك الرّوم في سنة إحدى وستّين وأربعمائة إلى ديار الشام فأخذ كثيرا من أهل منبج ، وهرب أهلها من حصنها فأخذه ، وشحنه رجالا وغلة وعدّة. وسار إلى عزاز فوقف عليها ساعة ، ورجع جاولا ، وسلّط الله عليه وعلى أصحابه الغلاء ، والعلّة ، والوباء. فذكر ملك الرّوم للقاضي القضاعي رسول المصريّين أنّه مات له في يوم واحد ثلاثة آلاف من خيله سوى عسكره.
وقيل : إنّ منبج بقيت في بلد الرّوم سبع سنين ، وهذا الملك هو يوجانس (١). ولا يبعد عندي أنّه الذي عناه هرقل بقوله : «لا يعود إليك روميّ إلا خائفا حتّى يولد المولود المشئوم ، ويا ليته لا يولد».
وفي يوم السّبت أول شعبان من هذه السنة ، جمع قطبان أنطاكية ودوقسها المعروف بالنحت جموعا كثيرة. وطلع إلى حصن أسفونا بعملة عملها عليه قوم يعرفونه ببني ربيع من أهل جوزن ففتحوه ، وقتلوا كثيرا من رجاله وكانوا ثمانين رجلا ، وأسروا الباقين. وكان الوالي به رجلا من الأتراك يعرف بنادر.
__________________
(١) اسمه رومانوس الرابع ، ومعنى لقب ديوجانس : حامي الثغور أو الحدود ، وسيقع في أسر السلطان ألب أرسلان في معركة منازكرد.