الحنطة قفيزين (١) بدينار. فلمّا لم يبق شيء دون فتحها أتته كتب العادل ألب أرسلان من العراق بالرّضا عنه. وقيل إنّ أصحاب مؤونة السّوق بحلب حصل في دفاترهم نحو سعبن ألف مملوك ومملوكة سوى ما بيع بغير مؤونة في بلد الرّوم وسائر البلدان ، وأخذ من أصحاب أنطاكية مائة ألف دينار ، ومثلها من ثياب الدّيباج والآلة وسار إلى العراق في جمادى الآخرة من السنة.
وفي هذه السّنة سلّم أمير من أمراء المغاربة يعرف بابن المرأة حصن أسفونا إلى الأمير عزّ الدّولة محمود بن نصر بن صالح. وتوّلى ذلك الأمير سديد الملك أبو الحسن عليّ بن منقذ.
وفي يوم الثّلاثاء السّابع والعشرين من شعبان ، فتحت أرتاح بالسّيف ؛ ونهب جميع ما فيها وما في حصنها من الأموال والذّراري ؛ وكان فيها خلق عظيم من النّصرانية لأنّ جميع من كان في تلك المواضع منهم حصل بها لأنّها كانت الكرسيّ لهم هناك. وقتل من رجالها نحو ثلاثة آلاف رجل ؛ وقد كان الملك ابن خان حاصرها زهاء خمسة أشهر.
وأتى عسكر عظيم من عساكر الرّوم ، فنزل على باب أنطاكية ليصالح الملك ابن خان عن أرتاح وغيرها من بلاهم ؛ فلم يتمّ بينهم صلح. وإنّما كان غرض العسكر أن يدسّ إلى أنطاكية غلّة حملت إلى السّويداء (٢) لتقويتها.
وكان فتح أرتاح فتحا عظيما لأنّ عملها قريب من أعمال الشّام ، من
__________________
(١) القفيز : مكيال يساوي ثمانية مكاكيك ، ويسع المكوك صاعا ونصف الصاع.
(٢) السويداء هي ميناء السويدية ميناء أنطاكية على البحر المتوسط.