فشاهدوا من سداده وكمال مروءته ما أوجب لهم أن ميّزوه عن غيره من الرّسل ، وأكرموه ، وجعلوه بسطرخس في مرتبة مقلّد بن كامل ، وجعلوا مقلدا ما خسطرس في مرتبة ثمال ، وجعلوا ثمالا ابريدرس (١) ؛ وسيّروا إليه هديّة سنّية عوضا عن هديّته.
ومات قاضي حلب أبو الحسن بن أبي جرادة في سنة خمس وأربعين ، فولّى القضاء بحلب القاضي أبا محمد كسرى بن عبد الكريم بن كسرى وإليه ينسب آدر بني كسرى (٢) بحلب.
ثم قدم الوزير فخر الدّولة أبو نصر محمّد بن محمّد بن جهير حلب فاستوزره معزّ الدّولة ، وفوّض أموره جميعها إليه ، فاستقامت ، وتضاعف ارتفاعه ، وضبط أمواله ، فحسد على مكانه ، وقربه منه ، فسعى به إلى معز الدّولة. وكان معز الدّولة له وفاء وذمة فنبّهه على ما سعي به عليه ، فاستأذنه في المفارقة ففسح له في ذلك ، فسار من حلب سنة ستّ وأربعين وأربعمائة ، وقصد ابن مروان.
فولّى معزّ الدّولة وزارته سديد الدّولة أبا القاسم هبة الله بن محمد بن
__________________
(١) Protoproedrus منصب رفيع أبدع في القرن الحادي عشر للميلاد. انظر Cambridge ٢٢ P, ٢ P art, ٤ Vol, Medieval History.
(٢) حيث قامت المدرسة الصلاحية في محلة سويقة علي ، وأسست المدرسة من قبل الأمير المملوكي صلاح الدين يوسف بن الأسعد الدوادار [ت ٧٤٥ ه]. الآثار الاسلامية والتاريخية بحلب ص ٢٢٨ ـ ٢٢٩.