فقبّلت الأرض ، وقالت : «خصّك الله يا أمير المؤمنين بأفضل تحيّة وسلام».
فردّ عليها أفضل ردّ ؛ وسألها عمن خلّفته بالشام ، فقالت : «في نعيم وخير إن أنعمت عليهم بأمان وذمام ، حسبما جرت به عادة هذا البيت المنيف من الإحسان والإكرام».
فأعجبه منها سرعة جوابها وحسن توصّلها ، وقال لها : «أنت المسمّاة بالسّيدة» فقالت : «نعم ، سيّدة قومي وأمتك يا أمير المؤمنين ، صلوات الله عليك». فقال : «ما خيّب الله من فوّض تدبير أمره إليك في هذه الرّسالة». ثم أمرها أن تمل على كاتبها تذكرة ليوّقع لها بجميع ما تقترحه توقيعا مفردا ، وتوقيعا بحلب وسائر أعمالها لمعزّ الدّولة.
وأمر لمعزّ الدّولة بتشريف ولجميع بني عمّه ، وأفاض عليها ما غمرها وجميع أصحابها وحاشيتها ؛ وعادت بمقصودها (١).
ولما وردت زوجة معزّ الدّولة إلى حلب سكن معزّ الدّولة إلى ذلك ، واطمّأنّ ، ونشر العدل ، وطابت قلوب الرّعيّة. وولى وزارته في سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة رجلا من أهل الرّحبة يقال له أبو الفضل ابراهيم بن عبد الكريم بن الأنباري ، ولقّبه الثقة الكافي ؛ وكان رجلا حسن السّياسة.
وسيّر ثمال شيخ الدّولة عليّ بن أحمد بن الأيسر ، في سنة ثلاث وأربعين ، رسولا إلى القسطنطينية بالمال المقرّر عليه في كلّ سنة ، وبهدية
__________________
(١) انظر إمارة حلب ص ١١٩.