وكان رفق لّما نزل على حلب داهن عليه العرب الكلبيّون ، فأشار عليه عسكره أن يرحل عن حلب إلى صلدع فلم يفعل ؛ فأشير عليه أن يقبض على أمراء طيء وكلب فلم يفعل ، فقيل له أن ينشىء سجلا عن السلطان بانّه قد أقطع الشام لمعزّ الدّولة ، ويعود بهيبته فلم يفعل ؛ فلمّا رآه أمراء العسكر لا يلتفت إليهم ، ولا يقبل مشورتهم ، ووقع القتال ، انهزم العرب فانهزم العسكر معهم ، فسيّر رفق إليهم وأمرهم بالعود فلم يلتفتوا.
وخرج من حلب خيل يسيرة فشاهدوا رحيل العسكر فظنوا أنه حيلة فاتبعوهم ، وغنموا منهم. وخرج من بحلب فلحقوا رفق الخادم ، في طرف جبل جوشن ، وجرح ثلاث جراحات ، وأخذ والضّرب القوىّ برأسه ، فمات في القلعة ودفن في مشهد الجفّ. ونهب من العسكر شيء عظيم من الأموال والقماش والدّواب (١).
ثم أن معزّ الدّولة ثمالا استمال المستنصر بعد هذه الوقعة ، ولاطفه ، وحمل القسط إلى مصر على يد شيخ الدّولة عليّ بن أحمد بن الأيسر ، وسيّر معه ولده وثّاب وزوجته علويّة بنت وثّاب المعروفة بالسيّدة ، وسيّر معه من مال القلعة أربعين ألف دينار ، وهدايا ، وألطافا فاخرة ، وتحفا جليلة.
فلمّا وصلت أكرمها المستنصر غاية الإكرام ، وحضرت بين يديه ،
__________________
(١) استنجد ثمال ببيزنطة ، واستجاب الامبراطور فسطنطين التاسع إلى طلب ثمال ، فبعث رسولا إلى القاهرة يطلب ايقاف حملة رفق ويهدد بالتدخل لصالح ثمال. إمارة حلب ص ١١٦ ـ ١١٩.