قورس (١) ، وكان للرّوم. ولحق بعضهم بعضا ولم يبق مع الملك إلا القليل. وقتل المسلمون من بطارقته وغيرهم ما لا يحصى ، وأسروا من أولاد الملوك وغيرهم كذلك ، واشتغل النّاس بالنّهب ، وأخذوا من الدّواب والثياب والديباج والأمتعة وآلآت العسكر ما لا يوصف.
وذكر أنّ طائفة من بني قطن من نمير وردت عند الهزيمة ؛ فأخذت ثقل الملك نحوا من ثلاثمائة بغل محمّلة ، حتّى أنّهم تقاسموا الدنانير الأرمانوسيّة بالقصعة ؛ فحصل لكلّ واحد منهم ثماني عشرة حفنه.
وكان ملك الرّوم لما رحل طرح النّار في المنجنيقات والعرّادات والتّراس ؛ ونهب النّاس منها ما أبقته النّار ، حتى أنّ أكثر سقوف بلد حلب جعلت التّراس عليها عوض الدفوف.
وقيل : إنّ الناس بحلب باتوا على السّور قبل الوقعة بيوم ، وفيهم ابن نمير العابد ، فبات يصلّي على السّور ، وسجد في آخر اللّيل ، فنام وهو ساجد ، فرأى في منامه عليا ـ عليهالسلام ـ راكبا ، ولباسه أخضر ، وبيده رمح ، وهو يقول له : «ارفع رأسك يا شيخ ، فقد قضيت حاجتك». فانتبه بقوله فحكى للنّاس ذلك ، فتباشروا به.
وحكي عن مرتضى الدّولة أنّه قال : «استدعاني أرمانوس في آخر تلك
__________________
(١) لعل قورس المعروفة الآن باسم كويري ، وتبعد عن حلب مسافة ٣٣ كم. وكانت قورس كالمسلحة لأنطاكية. بغية الطلب ج ١ ص ٢٦٣ ـ ٢٦٤.