فلقيتها بنو كلاب ، فظفروا بها ، وقتلوا بطارقها ، وأسروا جماعة من أولاد الملوك الذين معهم ، وجسرت عليهم بنو كلاب ، فحاصروهم في الموضع الذي نزلوا فيه.
ولقد أخبر بعض من شاهدهم أن مقثاوة كانت قريبة من العسكر بمقدار رمية سهم ، وأن الرّوم لم يقطعوا منها قثّاءة واحدة ، خوفا من العرب أن تتخطّفهم.
ولمّا كسرت السرية التي أرسلها الملك أجمع رأيه على العود إلى بلاده ، واعتذر قائلا : «لولا عطش عسكري لبلغت مرادي». وهجم نصر والعرب على سوق الملك فنهبوه ؛ وتأخّر رحيل ملك الرّوم من منزلته ثلاثة أيام.
وأقبل شبل الدولة نصر في تسعمائة وثلاثة وعشرين فارسا ، وقيل في سبعمائة فارس ؛ فحين أشرف على الرّوم ظنّوا أنّها كبسة ؛ فانهزموا ؛ ومنح الله أكتافهم يوم الاثنين لسبع ليال خلت من شعبان سنة إحدى وعشرين.
ونزع ارمانوس الملك خفّه الأحمر لئلا يعرف ؛ ولبس خفّا أسود ـ ولا يلبس الخفّ الأحمر عندهم إلا الملك ـ وهرب. وأخذ شبل الدّولة تاجه وبلاطه ولبّاده ؛ وهرب في أرمن كانوا معه حموه بالسّهام (١).
وأخذ الرّوم الطريق إلى الجبل منهزمين وطلعوا فيه ، وحصلوا في بلد
__________________
(١) عالجت هذه الأحداث في كتابي إمارة حلب ص ٨٧ ـ ٩٦ ، معتمدا على مختلف المصادر ، لا سيما البيزنطية منها.