فلما بلغ عزيز الدولة ذلك أرسل إلى باسيل ملك الرم يستدّعيه ليسلّم إليه حلب ، فخرج باسيل الملك ؛ فلمّا بلغ موضعا يعرف بمرج الدّيباج (١) ، بلغ عزيز الدولة وفاة الحاكم ، فأرسل إلى باسيل يعلمه أنّه قد انتقض ما كان بينهما من الشرّط ، وأنّه إن ظهر كان هو وبنو كلاب حربا له.
فعدل باسيل إلى مناز كرد (٢) فأخذها من الخزر ، وكان الناس قد أجفلوا من ملك الرّوم إلى حلب ؛ فكانت هذه الجفلة تسمى جفلة عزيز الدولة لأنها بسببه.
ولما اطمأن عزيز الدّولة بموت الحاكم ، ووصلته من الظّاهر الخلع من مصر ؛ ودخل غلام له يدعى تيزون ، وكان هنديا ؛ وكان يميل إليه ؛ ودخل في أوّل الليل عليه ، وهو نائم في المركز ، وفي يده سيف مجرّد مستور في كمّه ليقتله ، فوجد صبيا من رفقته يغمزه فلما رآه الصبيّ حرّك مولاه ليوقظه ، فبادر الهندي ، وضربّ عزيز الدولة فقتله ، وثّنى بالصبيّ ، وقتل الهندي. وذلك كله لأربع ليال خلت من شهر ربيع الآخر ، سنى ثلاث عشرة وأربعمائة (٣).
وعمل شاعره المفضّل بن سعيد :
لحمامه المقضيّ ربّى عبده |
|
ولنحره المفريّ حدّ حسامه |
__________________
(١) واد عجيب المنظر نزه بين الجبال ، بينه وبين المصيصة عشرة أميال. معجم البلدان.
(٢) بلد مشهور قرب خلاط ، كان يعد في أرمينية ، ليس بعيدا عن بحيرة وان وفيه ستحصل المعركة الحاسمة بين السلطان ألب أرسلان والامبراطور البيزنطي رومانوس دايجينس.
(٣) عالجت ملابسات اغتيال عزيز الدولة في كتابي إمارة حلب ص ٥٢ ـ ٥٤ ، ويبدو أنه كان للخلافة الفاطمية دورها الكبير.