وكان الوالي بالقلعة ، من قبل عزيز الدولة ، أبا النجم بدرا التركيّ مملوكا كان لبنجوتكين مولى عزيز الدولة فاتك ؛ وكانت بينهما في أيام بنجوتكين صداقة ومودّة بحكم المرافقة (١).
فلما تقدّم عزيز الدّولة قرّبه واصطفاه ، وولاه القلعة بحلب من قبله. وقيل : إنه مملوك لعزيز الدّولة ، ويعرف ببدر الكبير. وقيل : إنّه هو الذي حمل تيزون على قتل عزيز الدّولة ؛ فلما قتل استولى على البلد ، يوم الأحد العاشر من شهر ربيع الآخر سنة ثلاث عشرة وأربعمائة ، ولقّب وفيّ الدولة وأمينها. وكان كاتب بدر رجلا يقال له ابن مدبّر إلى أن وردت العساكر المصرية من جهة الظّاهر ؛ وزعيمها سديد الدولة علي بن أحمد الضّيف ؛ فتسلّم حلب من وفيّ الدّولة بدر.
ولما دخل الضّيف على بدر بكتاب الظّاهر ، لطف به ، واسترسل إليه ، وطرح القيد في رجله ، وقبض عليه ، وانزله من القلعة ، وتسلّمها منه ، فسلّمها إلى صفيّ الدّولة أبي عبد الله محمد ابن وزير الوزراء أبي الحسن عليّ بن جعفر بن فلاح الكتاميّ ، يوم الأربعاء الحادي عشر من شهر رجب سنة ثلاث عشرة وأربعمائة.
وكان صفيّ الدولة هذا شاعرا أديبا ؛ وأبوه عليّ وزر للحاكم ؛ وجدّه جعفر بن فلاح أحد قواد المصريين ؛ ووليت القلعة يمن الدّولة سعادة الخادم
__________________
(١) بهامش الأصل : «وأظن أن عزيز الدولة ولىّ قضاء حلب في أيامه أبا علي أحمد بن أبي ابراهيم الشريف الحسيني ، وأقطعه اللجينة والله أعلم».