وحصل زهير غلام سيف الدّولة بمعرّة النّعمان ، وكان واليها ؛ وانضاف إليه جماعة من غلمان سيف الدّولة. فأقاموا الدّعوة بالمعرّة لسعد الدولة ؛ وكاتبوا مولاهم سعد الدولة أبا المعالي واستدعوه إلى الشّام ؛ فسار ونزل منبج ؛ فاجتمعوا معه. ونزلوا على حلب في شهر رمضان من سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة ؛ وحاصروا قرغويه وبكجور. وجرت بينهم حروب يطول ذكرها.
وكتب قرغويه إلى الرّوم ، فاستدعى بطريقا كان في أطراف بلد الرّوم لنجدته ، وهو خادم كان لنقفور ويعرف بالطربازي (١) ؛ فسار نحوه ، ثم عدل إلى أنطاكية ، وذلك أنّ ملك الروم لما نزل ببوقا ، ومعه السبي والغنائم ـ على ما ذكرناه ـ توافق هو وأهلها ، وكانوا نصارى في أن ينتقلوا إلى أنطاكية ، ويظهروا أنّهم إنّما انتقلوا خوفا من الرّوم ، حتى إذا حصلوا بها ، وصار الرّوم إلى أنطاكية وافقوهم على فتحها. ففعلوا ذلك ووافقوا نصارى أنطاكية ، وكاتبوا الطّربازي حين خرج بأن أنطاكية خالية ، وليس بها سلطان.
وكان أهلها من المسلمين قد ضيّعوا سورها ، وأهملوا حراستها ؛ فجاء الروم إليها مع الطربازي ويانس بن شمشقيق ، في أربعين ألفا. فأحاطوا بأنطاكية ؛ وأهل بوقا على أعلى السور في جانب منه ، فنزلوا وأخلوا السّور ، فصعده الرّوم وملكوا البلد ، وذلك لثلاث عشرة ليلة خلت من ذي الحجة من سنة ثمان وخمسين.
__________________
(١) هو في تاريخ يحيى بن سعيد ص ١٣٥ «بطرس الاصطراطوبودرج» ـ الستراتيجوس.