ودخل الرّوم فأحرقوا وأسروا وكانت ليلة الميلاد. فلمّا طلع الروم على جبلها ، جعلوا يأخذون الحارس فيقولون له : «كبّر وهلّل» ؛ فمن لم يفعل قتلوه ؛ فكان الحرّاس يهلّلون ويكبّرون ، والناس لا يعلمون بما هم فيه ، حتّى ملكوا جميع أبرجتها ، وصاحوا صيحة واحدة ، فمن طلب باب الجنان قتل أو أسر.
واجتمع جماعة إلى باب البحر فبردوا القفل فسلموا ، وخرجوا وبنوا قلعة في جبلها ، وجعلوا الجامع صيرة للخنازير (١) ؛ ثم ان البطرك جعله بستانا.
ثم إنّ الطّربازي سار إلى حلب ، منجدا لقرغويه وبكجور ، وأبو المعالي محاصر لهما ؛ فانحاز أبو المعالي شريف عن حلب إلى خناصرة ، ثم إلى معرّة النّعمان.
فطمع الرّوم بحلب فنازلوها ؛ وهجموا المدينة من شماليها ، وحصروا القلعة.
فهادنهم قرغويه على حمل الجزية ، عن كل صغير وكبير من سكّان المواضع التي وقعت الهدنة عليها ، دينار ، قيمته ستّة عشر درهما إسلاميّة ؛ وأن يحمل إليهم ، في كل سنة عن البلاد التي وقعت الهدنة (٢) عليها سبعمائة ألف درهم.
__________________
(١) الصيرة : الحظيرة.
(٢) في تاريخ يحيى بن سعيد ص ١٣٥ : «وترددت المراسلات بينه وبين أهلها إلى أن تقرر الأمر ـ