وتحدّث الناس أنه يريد أن ينازل أنطاكية طول الشتاء ، وينفذ إلى حلب أيضا من ينازلها. فأشار الحاجب قرغويه على سعد الدولة أن يخرج من حلب ، ولا يتحاصر فيها ؛ فخرج إلى بالس فسيّر إليه قرغويه ، وقال له : «امض إلى والدتك ، فإنّ أهل حلب لا يريدونك ، ولا يتركونك تعود إليهم».
وحالف قرغويه أهل حلب على سعد الدّولة ؛ وتقرّب إليهم بعمارة القلعة وتحصينها ، وعمارة أسوار البلدة وتقويتها ؛ فيئس سعد الدولة من حلب ؛ ومضى أكثر أصحابه إلى أبي تغلب بن ناصر الدّولة.
وقطع قرغويه الدعاء لسعد الدّولة ، فعمل على قصد حرّان والمقام بها ؛ فمنعه أهلها منها ، وراسلهم ، ووعدهم بالجميل فلم يستجيبوا له ؛ فسألهم أن يتزوّد منها يومين ، فأذنوا له في ذلك. فمضى إلى والدته إلى ميّافارقين ، وحرّان شاغرة يدبّرها أهلها ، ويخطبون لأبي المعالي سعد الدولة.
ولما قرب أبو المعالي من ميّافارقين بلغ والدته أن غلمانه وكتّابه عملوا على القبض عليها وحملها إلى القلعة ، كما فعل أبو تغلب بناصر الدولة ؛ فطردت الكتّاب ، وأغلقت أبواب المدينة في وجه ابنها ثلاثة أيّام حتى استوثقت منه ؛ وفتحت له.
وحين علم ملك الروم بتقوية قرغويه لحلب دخل بلاده.
وأما قرغويه فاستولى على حلب في المحرّم من سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة ؛ وأمّر غلامّه بكجور ؛ وشاركه في الأمر ؛ ودعي لهما على المنابر في عمله. وكتب اسم بكجور على السّكة. وكان يخاطب قرغويه بالحاجب ، وغلامه بكجور بالأمير.